الدورة الرابعة للمؤتمر الدولي حول النقل المستدام والمؤتمر السنوي للاتحاد الدولي للطرق

إزالة الكاربون، التمويل والتحول الرقمي للقطاع الطرقي من أجل نقل ونمو مستدامين

0 1٬186

مجلة صناعة المغرب/ رشيد محمودي

 

احتضنت مدينة مراكش، يوم الخميس 6أكتوبر، المؤتمر الدولي حول النقل المستدام (CIMD)، والذي كان نقطة لقاء رئيسية لكافة الأطراف المعنية بالنقل المستدام، سواء كانوا مؤسساتيين أو اقتصاديين أو تقنيين أو علميين أو جمعويين.

أعادت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، تأكيد ريادتها في مجال التنمية المستدامة وتنظم، بشراكة مع الاتحاد الدولي للطرق (IRF)، الذي يتولى المغرب رئاسته، الدورة الرابعة للمؤتمر الدولي حول النقل المستدام والمؤتمر السنوي للاتحاد الدولي للطرق.

سيناريوهات مقلقة لارتفاع درجة الحرارة على الصعيد العالمي

بينما حددت اتفاقية باريس هدف حصر ارتفاع الحرارة على الصعيد العالمي في مستوى دون 2 درجتين سيلسيوس، أو 1.5 درجة سيلسيوس مقارنة بالفترة ما قبل الحقبة الصناعية وفي أفق 2100، أشار التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC)التي أحدثتها منظمة الأمم المتحدة سنة 1988، إلى أن هذا الهدف لن يتحقق إلا باتباع سياسات واتخاذ إجراءات قوية وسريعة ومستدامة في سبيل تخفيض انبعاثات غازات ثنائي أكسيد الكاربون والميثان وباقي الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ويؤكد ذلك الإعلان الصادر عن منظمة الأمم المتحدة والذي يبرز أن درجة الحرارة العالمية قد ارتفعت فعلا بنحو 1.1 درجة سيلسيوس مخلفة أضرارا محسوسة في مختلف مناطق العالم، متوقعة سيناريوهات مقلقة لارتفاع الحرارة بنحو + 2.7 درجة سيلسيوس وذلك على الرغم من الالتزامات المتخذة بعين الاعتبار حتى الآن.

 قطاع النقل : عنصر أساسي في تغير المناخ

يتسبب قطاع النقل لوحده في ربع الانبعاثات الغازية الدفيئة على المستوى العالمي، وفي حوالي 30 % على المستوى الأوروبي.  ويمثل النقل الطرقي للمسافرين والبضائع في هذه النسبة أزيد من 75 % من انبعاثات ثنائي أكسيد الكاربون. إذ يترتب عن التوجهات الحالية للعولمة وعن تطور مستوى وأنماط العيش ارتفاع كبير في حجم نقل المسافرين والسلع. ويتوقع بهذا الصدد أن تعرف الانبعاثات العالمية الناتجة عن النقل زيادة بنسبة 60 % خلال الفترة ما بين 2015 و2050. في حين أن بلوغ الأهداف المحددة في اتفاقية باريس تتطلب تخفيض الانبعاثات بنسبة 45 % بالنسبة لنقل البضائع و70 % بالنسبة لنقل الأشخاص. وبالتالي، فإن النقل المستدام، خاصة قطاع النقل، يكتسي أهمية قصوى ممثلا منعطفا رئيسيا في العقود القادمة من أجل إنجاز انتقال طاقي ناجح.

في المغرب، يعتبر قطاع النقل واللوجستيك من بين المسببات الأساسية لانبعاث الغازات الدفيئة، إذ ينتج لوحده ما لا يقل عن 23 % من الانبعاثات الغازية الدفيئة على المستوى الوطني، وقد شرع هذا القطاع اليوم في تأهيل بنياته وتحقيق انتقال تدريجي ليصبح مستداما.

لم يعد إشراك فعاليات القطاع في آلية التحسين والتكيف مجرد خيار: بل أصبح لزاما. دون ذلك، ستستمر حصة انبعاثات القطاع في الارتفاع. لذلك يجب التدخل بسرعة عبر تطوير نقل مستدام محترم للبيئة. وجدير بالذكر أن المملكة قد التزمت في إطار اتفاقية باريس بخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بنسبة 13 % في أفق 2020، وقد تصل إلى 32 % إذا توفر الدعم المالي الدولي، وهو ما يمثل 401 مليون طن من ثنائي أكسيد الكاربون بين 2020 و2030. ولهذا، أصبح تأهيل قطاع النقل ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى ليس فقط من أجل بلوغ الأهداف السالفة الذكر وإنما أيضا من أجل ضمان استمرارية القطاع.

II– المغرب يبدي طموحات كبرى في مواجهة الأزمة المناخية

تموقعَ المغرب منذ أكثر من عقد من الزمن كرائد إقليمي للطاقات المتجددة، ولديه طموحات كبرى في مواجهة الأزمة المناخية. وعلى الرغم من ضعف إنتاجه للغازات الدفيئة على المستوى العالمي، بلور المغرب، في أكتوبر 2021، استراتيجية منخفضة الكاربون على المدى البعيد “مغرب 2050″، من أهدافها تحقيق مزيج طاقي يتكون بنسبة 80 % من الطاقات المتجددة في أفق 2050. على المستوى الدولي، رفع المغرب سقف التزامه، الذي كان مرتفعا أصلا، إلى هدف مشروط لتخفيض الغازات الدفيئة بنسبة 54,5 % وهدف غير مشروط بنسبة 18,3 % مع ميزانية إجمالية تقدر بنحو 40 مليار دولار. وينعكس ذلك في انبعاثات مقدرة بحوالي 77,5 مليون طن معادل ثنائي أكسيد الكاربون في أفق 2030 وهو مستوى أبعد كثيرا من 142 مليون طن معادل ثنائي أكسيد الكاربون التي كانت مقررة في السيناريو الأساسي، أي بتخفيض يصل إلى 64,5 مليون طن معادل ثنائي أكسيد الكاربون.

لتحقيق الالتزامات المتخذة في إطار المساهمات المحددة وطنيا للمغرب، اعتمد البلد تدبيرين غير مشروطين: توسيع ترامواي الرباط والدار البيضاء، بالإضافة إلى خمسة تدابير مشروطة: تحسين المعايير البيئية للعربات، واعتماد نظام المكافأة – الخصم، وبرنامج التجديد والتفكيك، برنامج القيادة البيئية وتطبيق معايير الأداء في مجال انبعاث ثنائي أكسيد الكاربون بالنسبة للعربات الخاصة والمهنية الخفيفة الجديدة، وذلك مقابل غلاف مالي يقدر بنحو 2,2 مليار دولار.

III– الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، فاعل أساسي من أجل نقل مستدام بالمغرب

بفضل ديناميكية التحسين المستمر التي تقودها الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، التي تتولى تصميم وبناء واستغلال شبكة الطرق السيارة منذ 1989، أصبحت هذه الشبكة معترفا بها باعتبارها من بين الأفضل على الصعيد الإفريقي، لما توفره من انسيابية وسلامة التنقلات، إضافة إلى ربطها للمجالات الترابية لترفع مستوى تنافسيتها واندماجها الاجتماعي.

أصبحت شبكة الطرق السيارة اليوم تتكون من 1800 كيلومتر من الطرق، تستقطب يوميا 400000 عربة، وتمثل ربع حركة السير الإجمالية في البلاد، موفرة العديد من الخدمات التي تواكب وتيسر التنقلات اليومية لأزيد من 1200000 مسافر: فضاءات خدمات عصرية، وسائل أداء أوتوماتيكية، خدمة مساعدة متوفرة على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع، معلومات حول حركة السير في الوقت الآني…

بالإضافة إلى هذا الأداء الذي يحظى بالاعتراف الدولي، لم تغفل الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب عن دورها الأساسي كمقاولة مواطِنة ومسؤولة اجتماعيا. فقد وضعت منذ إحداثها المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة ضمن أولوياتها الرئيسية بهدف ضمان مستقبل دائم ومستدام للأجيال القادمة.

في هذا الإطار، اعتمدت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب العديد من البرامج الملموسة التي تجسد التزامها تجاه البيئة ومنظومتها بصفة عامة:

 البرنامج الأخضر لحماية البيئة وخفض البصمة الكاربونية

  • مشروع “الأرض”: الذي يهدف إلى حماية منحدرات الطرق السيارة ضد التعرية المائية وتثبيت التربة باستعمال تقنيات مبتكرة تعتمد على الهندسة البيولوجية مع خلق نشاط مدر للدخل بالنسبة للفلاحين المجاورين؛
  • تقنية الضغط الجاف التي تمكن من الحفاظ على الموارد المائية في إنجاز البنيات التحتية الطرقية؛
  • إعادة التشجير التعويضي المتعلق بإعادة غرس الأشجار في المساحات التي انتزعت أشجارها خلال بناء الطريق السيار، في هذا السياق أنجزت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب برنامجا لغرس 3 مليون شجرة، من بينها شجرة أركان ٬ رمز الثروة الغابوية المغربية؛
  • تثمين المياه المجمعة على قارعة الطريق السيار ومنشآتها لتصريف المياه بهدف إعادة استعمالها في السقي؛
  • إحداث أحواض إزالة الزيوت من أجل معالجة المياه الجارية التي تصب في الوديان.

البرنامج الازرق من أجل إدماج تقنيات إعادة التدوير والطاقات المتجددة

  • استعمال التقنيات المبتكرة المقتصدة للحصي والإسفلت خلال صيانة قارعة الطريق السيار، وذلك عبر تثمين وإعادة استعمال المواد الموجودة في قارعات الطريق السيار القديمة من أجل إنشاء قارعات بديلة؛
  • وضع محطات شحن السيارات الكهربائية في محطات الاستراحة على شبكة الطرق السيارة؛
  • إنشاء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في محطات الأداء.
  • إلخ ….

من جهة أخرى، تشكل انسيابية وسلامة حركة السير عنصرا مهما في الحد من الغازات الدفيئة المسؤولة عن الاحتباس الحراري، لهذا، أنجزت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب العديد من المشاريع المهيكلة من أجل مراقبة وتحسين انسيابية وسلامة حركة السير على مجموع شبكة الطرق السيارة وتوفير المعلومات في الوقت الآني لمستعملي الطريق السيار ولجميع المتدخلين.

ويتعلق الأمر أساسا ببرنامج الأتمتة، وهو برنامج مندمج بغلاف مالي قدره 1 مليار درهم، والذي يهم تأهيل البنية التحتية للشبكة المعلوماتية، وعصرنة محطات الأداء، ورقمنه وسائل الأداء (جواز) ومراقبة حركة السير. كما أنشأت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب “المركز الوطني للمعلومات المرورية”، البنية التحتية ذات “التكنولوجيا العالية” من أجل سلامة وسيولة ومراقبة حركة السير على مجموع الشبكة الوطنية للطرق السيارة على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.