كيف أصبح المغرب قائدا في صناعة الطيران بإفريقيا

0 66

في غضون عقدين فقط، استطاع المغرب أن يفرض نفسه كفاعل رئيسي في صناعة الطيران على المستويين الإفريقي والدولي. هذا الصعود السريع لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة استراتيجية مدروسة تعتمد على الجاذبية والتنافسية والاستثمار في الكفاءات المحلية. في هذا المقال، نستعرض تحليل حميد بنبراهيم ، مدير المنطقة الصناعية “ميدبارك”، الذي يكشف العوامل الرئيسية التي جعلت من المغرب مركزا عالميا لا غنى عنه في صناعة الطيران.

حميد بنبراهيم

قال حميد بنبراهيم الأندلسي في حوار مع مجلة صناعة المغرب: “تمكّن بلدنا، خلال 20 إلى 25 عاما، من أن يصبح قاعدة أساسية لا يمكن تجاهلها في مجال صناعة الطيران العالمية”. ويوضح أن هذا النجاح يعتمد على ثلاثة أركان رئيسية: تنوع النظام البيئي الصناعي، تنافسية القطاع، والاستثمار في الكفاءات المغربية. ويضيف: “لقد تدرجنا في تحسين كفاءاتنا. بدأنا من القاعدة في سلسلة القيم الصناعية بأنظمة الكهرباء، واليوم نحن نعمل في مجال محركات الطائرات مع شركات مثل “سافران” و”برات آند ويتني”، كما أننا ننشط في مجال الهندسة.”

هذا التطور الكبير مكّن المغرب من جذب أكثر من 160 شركة، بما في ذلك شركات عالمية رائدة وشركات صغيرة ومتوسطة متخصصة، مما ساهم في تعزيز النظام البيئي لصناعة الطيران في البلاد. ويشير بنبراهيم إلى اتفاقية مهمة وقعتها شركة “بوينغ” مؤخرًا في مجال البحث التكنولوجي مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات، مما يعكس الجاذبية المتزايدة للمغرب أمام عمالقة صناعة الطيران.

ميدبارك والمعهد العالي لمهن الطيران: ركيزتان أساسيتان

وحسب حميد بنبراهيم، لعبت مبادرتان رئيسيتان دورا محوريا في هذا النجاح: “ميدبارك” والمعهد العالي لمهن الطيران (IMA). ويوضح أن “IMA هو مصنع الكفاءات”، حيث تم إطلاق هذا المعهد قبل 13 عامًا بالتعاون مع الدولة، ويقدم تدريبًا تعليميًا يتناسب مع احتياجات الصناعيين الذين يشاركون مباشرة في العملية التعليمية. هذا النهج يضمن توافقًا تامًا بين مهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل.

أما الركيزة الثانية فهي “ميدبارك”، وهي منصة صناعية متكاملة تم تطويرها بالتعاون مع Caisse de Dépôt et de Gestion. ويؤكد بنبراهيم أن “ميدبارك مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الصناعيين”. هذه المنطقة الصناعية توفر بنية تحتية متطورة وبيئة محفزة للابتكار، مما ساهم في جذب استثمارات كبرى وتعزيز مكانة المغرب على الساحة العالمية لصناعة الطيران.

الجاذبية المعززة بالتنافسية

تعتمد تنافسية المغرب في قطاع الطيران أيضًا على قدرته على تقديم قيمة مضافة فريدة. ويؤكد بنبراهيم: “لقد ارتقينا في الكفاءة والقيمة والتنافسية”. هذا التطور مكّن المغرب من التخصص في مجالات ذات قيمة مضافة عالية، مثل تصنيع محركات الطائرات والهندسة، وجذب شركات ذات تقنيات متطورة.

اليوم، يُعتبر المغرب القاعدة الأولى لصناعة الطيران في إفريقيا، وهذه المكانة تتزايد قوةً بمرور الوقت. ويضيف بنبراهيم: “لقد جذبنا لاعبين كبارًا في مجال محركات الطائرات، الذين يعتبرون في صلب التحول التكنولوجي للقطاع”. هذه الديناميكية مدعومة بنظام بيئي قوي، يشمل شراكات استراتيجية مع الجامعات ومراكز البحث، كما يتجلى في الاتفاقية الأخيرة مع “بوينغ”.

باختصار، نجح المغرب في تحويل نفسه إلى مركز عالمي لصناعة الطيران بفضل استراتيجية واضحة تعتمد على الجذب الاستثماري، تطوير الكفاءات، وخلق بيئة صناعية تنافسية. هذا التميز جعل المغرب نموذجًا يُحتذى به في القارة الإفريقية وخارجها.

رشيد محمودي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.