استعرضت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، في جوابها على تدخلات المستشارين بلجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، عددا من المحاور المتعلقة بمنظومة تعميم الحماية الاجتماعية والصحية، وأسباب ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، وكذا اهتمام الحكومة بقطاعي التعليم والصحة و الاعتمادات المالية المخصصة لهذين القطاعين.
مأسسة الحوار الاجتماعي
أكدت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن الحكومة مستعدة للانفتاح على كل الفاعلين برلمانا ونقابات وقطاعا خاصا، من أجل التأسيس لحوار متواصل خلال السنة حول كل القضايا وعلى رأسها قانون المالية.
وأشارت نادية فتاح العلوي، في جوابها على تدخلات المستشارين بلجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، الى أن ” مأسسة الحوار الاجتماعي سيمكن من تجاوز المقاربة التي تحصر هذا الحوار في الرفع من الأجور، الى مقاربة أوسع تجعل من الحوار الاجتماعي اطارا للتشاور الدائم حول القضايا و التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى، بما في ذلك التوجهات المؤطرة لمشروع قانون المالية قبل عرضه على البرلمان”.
تعميم الحماية الاجتماعية
وردا على من اعتبر البرنامج الحكومي لحكومة عزيز أخنوش، وقانون المالية، مجرد اعلان نوايا، أكدت نادية فتاح العلوي أن النوايا إذا كانت صادقة اتجاه المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية، فلاعيب في ذلك، مشددة على أن ” الحكومة كلها معبأة لتنزيل هذه النوايا على أرض الواقع”.
وسجلت في هذا الصدد بأن ” الحكومة بدأت الاشتغال حتى تكون في مستوى تطلعات المواطنين من خلال التعبئة التي ميزت عملها من أجل تسريع تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، من خلال المصادقة قبل يومين خلال مجلس الحكومة على ستة مراسيم تنظيمية للقانونيين رقم 98.15 و 99.15المتعلقين بنظام التأمين الاجباري الأساسي عن المرض، وبإحداث نظام للمعاشات الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وهو ما سيمكن حوالي 3 ملايين من التجار والصناع التقليدين ومقدمي الخدمات وذويهم من الشروع في الاستفادة من التأمين الاجباري الأساسي عن المرض انطلاقا من 1 دجنبر 2021.
وأوضحت وزيرة الاقتصاد والمالية أن ” الحكومة قامت بإحداث لجنة وزارية ولجنة تقنية للسهر على التنزيل الفعلي والسريع لتعميم الحماية الاجتماعية، حيث ستشتغلان بشكل متواصل من أجل تمكين باقي فئات العمال غير الأجراء من الاستفادة من التأمين الاجباري الأساسي عن المرض، وخاصة الفلاحين، وباقي الصناع التقليديين، ومهنيي النقل، وأصحاب المهن الحرة”.
كما سيتم العمل، تضيف الوزيرة نادية فتاح العلوي، على تمكين الفئات الهشة والفقيرة الخاضعة حاليا لنظام راميد، من التوفر على تأمين على المرض يمكنهم من الولوج الى القطاعين العام والخاص، وبنفس سلسلة علاجات أجراء القطاع الخاص، وذلك خلال النصف الثاني من سنة 2022، مبرزة أن ” البرنامج الحكومي جاء بالتزامات واضحة ومرقمة تنطلق من تشخيص ميداني لانتظارات المواطنين، وذلك بأفق زمني محدد، وقد وضع هذا البرنامج من بين أولى أولوياته تنزيل مخرجات النموذج التنموي الجديد، بالتشارك مع مختلف الفاعلين”، مشيرة الى أن ” قانون المالية منسجم في أولوياته وأبعاده مع غايات البرنامج الحكومي، ويحمل في طياته نفسا واجتماعيا واضحا”.
الأولوية لقطاعي التعليم والصحة
وكشفت وزيرة الاقتصاد والمالية أن ” قانون المالية لهذه السنة خصص ما يفوق 40 في المائة من مجموع نفقات المبرمجة لقطاعي التعليم والصحة، وما يناهز 54 في المائة من مجموع المناصب المالية المحدثة”، مبرزة أن “الزيادة التي تم تسجيلها على مستوى اعتمادات الاستثمار للميزانية العامة للدولة ب 10 ملايير درهم، خصص نصفها لقطاعي التعليم والصحة، ونصفها الآخر تم توجيهها بالأساس لتشغيل الشباب، في اطار برنامج الأوراش الكبرى والصغرى، الذي سيحدث 250 ألف منصب شغل في سنتين، وبرنامج “فرصة” الموجه للشباب الذين يريدون خلق مقاولة صغيرة ولديهم صعوبات في توفير موارد مكلمة للقروض التي تمنحها الأبناك في اطار برنامج انطلاقة”.
وتابعت نادية فتاح العلوي أن ” الحكومة بصدد وضع كل الترتيبات بالتعاون مع كل الشركاء الوطنيين والدوليين، من أجل تخصيص المواكبة والتوجيه والتكوينات الضرورية للشباب حاملي المشاريع في كافة المراحل، وذلك من اجل تعزيز فرص نجاح هذه المشاريع وضمان ديمومتها.
ولافتت وزيرة الاقتصاد والمالية الانتباه الى أنه يرجح أن “يساهم تفعيل مخرجات النموذج التنموي الجديد، وكذا الاصلاحات و المشاريع الهيكلية المبرمجة في اطار البرنامج الحكومي في تقوية النسيج الإنتاجي، مما سيمكن من بلوع مستوى جديد من النمو بحوالي 4 في المائة على المدى المتوسط”.
أسعار الغاز
بالنسبة لتوقعات سعر الغاز، أكدت الوزيرة أنها تأخذ بعين الاعتبار تطورات نمو الطلب والعرض العالمي، التي تبقى رهينة لتطورات الحالة الوبائية على المستوى العالمي، والأوضاع الجيواستراتيجة والأمنية وسلاسل التوريد، حيث يرتقب ان يعود سوق الغاز الى التوازن تدريجيا سنة 2022.4
ارتفاع الأسعار
وأوضحت وزيرة الاقتصاد والمالية أن ” الحكومة جعلت القطاعات الاجتماعية والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين على رأس توجهاتها في مشروع قانون المالية 2022، مشيرة الى ان ” ارتفاع الأسعار بدأ بشكل ملحوظ منذ أبريل 2021، وهذا بعد اتجاه سالب لتطور الأسعار خلال سنة 2020 على مستوى العالم، حيث بلغ مؤشر الأسعار عند الاستهلاك في شتنبر المنصرم، 5.4 في المائة في أمريكا، و 3.4 في المائة في منطقة اليورو، وهذه المعدلات هي الأكثر ارتفاعا خلال لعشر سنوات الأخيرة، وهذا هو الواقع عالميا”، يؤمد الوزيرة.
وأشارت في هذا الصدد الى أن العوامل التي أدت الى ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك في العالم وفي المغرب، تبقى مرتبطة بالظرفية ولها طابع ظرفي يعود أساسا للانتعاش الاقتصادي الذي يعرفه العالم بشكل أقوى مما كان متوقعا، وللارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار الطاقة، الى جانب الاضطرابات المستمرة في سلاسل التوريد العالمية وحركة الملاحة الدولية”.
وأبرزت أن ” التحسن الذي عرفه المغرب، سواء من خلال الموسم الفلاحي الماضي الاستثنائي الذي تميز بوفرة في الإنتاج، أو من خلال تدخلات الحكومة فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع، قد مكن من توفير السلع ومن تحقيق استقرار كبير على مستوى الأسعار، باستثناء عدد محدود من الموارد المستوردة من الخارج”.
استقرار وانخفاض أسعار الفواكه والخضر والحبوب
وأبرزت وزيرة الاقتصاد والمالية أنه بالنسبة للمنتجات المحلية مثل الخضر و الفواكه والحبوب، فان الأسعار ان لم تكن مستقرة فقد عرفت انخفاضا على مستوى العديد من المنتوجات”، في حين بالنسبة للمواد المدعمة والمتمثلة في الدقيق المدعم والسكر وغاز البوتان، فانها لن تعرف أي تغيير. فاستقرار أسعار هذه المواد يبقى مضمونا من خلال صندوق المقاصة الذييتدخل من اجل تعويض الفارق بين هذه الأسعار وأسعار السوق الدولية.
وأوضحت نادية فتاح العلوي ان ” اللجنة بين الوزارية المكلفة بالأسعار تشتغل بصفة منتظمة منذ أسابيع، وستكثف اشغالها لتجاوز هذه الظرفية من خلال محاربة كل الهوامش الغير مبررة لتحديد الأسعار واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتحقيق الهدف الأسمى الذي تحرص عليه الحكومة، والمتمثل في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين و المواطنات”.
وأكدت الوزيرة أن ” الحكومة قررت تعليق الرسوم الجمركية من اجل ضمان استقرار أسعار القمح، كما ستخصص تعويضا إضافيا للمستوردين للحفاظ على أسعار جميع مشتقات القمح على المستوى الوطني، كما خصصت الحكومة من أجل دعم القدرة الشرائية للمواطنين، ما يناهز 8 ملايير درهم كزيادة في كتلة الأجور، خصصت خصيصا لأداء المتأخرات المتعلقة بترقية الموظفين لسنتي 2020 و 2021، وذلك بعد سنتين من التجميد نتيجة الأزمة”.