البنك الدولي يحذر من الصراعات التي تهدد الدول الأكثر هشاشة في العالم

0 56

دقّ البنك الدولي ناقوس الخطر بشأن المستقبل الاقتصادي والاجتماعي لعدد من الدول الأكثر عرضة للصراعات وعدم الاستقرار، محذّرًا من تفاقم أوضاعها بشكل يهدّد بتقويض أي جهود تنموية ويزيد من معاناة ملايين السكان.

وفي دراسة شاملة أعدّها البنك لرصد أداء 39 دولة مصنّفة ضمن قائمة الدول «الهشة والمتأثرة بالصراعات» منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في عام 2020، خلصت النتائج إلى أن الركود، لا النمو، أصبح السمة الغالبة على اقتصادات هذه الدول التي تعاني من أزمات متداخلة.

وأبرزت الدراسة أن هذه الدول، التي تمتد جغرافيًا من جزر مارشال النائية في المحيط الهادئ إلى موزمبيق في إفريقيا جنوب الصحراء، سجلت منذ عام 2020 تراجعًا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغ 1.8%، في مقابل نمو سنوي بلغ 2.9% في الدول النامية الأخرى التي لا تعاني من نفس المستوى من الهشاشة والصراعات.

وسلط التقرير الضوء على تراكم الأزمات في هذه الدول، حيث تواجه بنى تحتية متداعية، وحكومات عاجزة عن تلبية أبسط الاحتياجات، إلى جانب تدني مستويات التعليم الذي يشكل حجر الأساس لأي مسار تنموي مستدام. ووفقًا لأرقام البنك، لا يحصل السكان في هذه الدول سوى على ست سنوات من التعليم في المتوسط، أي أقل بثلاث سنوات كاملة مقارنة بمتوسط سنوات التعليم في الدول الأخرى ذات الدخل المنخفض والمتوسط. كما أن متوسط العمر المتوقع في هذه الدول يقلّ بخمس سنوات، بينما تسجل معدلات وفيات الرضع ضعف المعدلات المسجلة في نظيراتها من الدول النامية الأخرى.

وتشير الدراسة إلى أن الصراعات المستمرة تمثل العامل الأشد فتكًا، إذ كشف البنك أن 21 دولة من أصل 39 تعاني من نزاعات نشطة، وأن الدول التي تشهد صراعات عالية الحدة – أي تلك التي تسجل سقوط أكثر من 150 ضحية لكل مليون نسمة – تعاني من تراجع تراكمي في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 20% بعد خمس سنوات فقط من اندلاع العنف.

وتتفاقم التداعيات مع مرور الوقت، إذ ترتبط الحروب والنزاعات ارتباطًا وثيقًا بتفاقم أزمات الغذاء. وفي هذا السياق، قدّر البنك الدولي أن حوالي 18% من سكان هذه الدول – أي ما يقرب من 200 مليون شخص – يواجهون انعدامًا حادًا للأمن الغذائي، مقارنة بنحو 1% فقط في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل غير المتأثرة بالصراعات بنفس القدر.

ورغم هذه الصورة القاتمة، نوّهت الدراسة إلى تجارب دول استطاعت كسر حلقة العنف والهشاشة والانطلاق نحو مسار التعافي والاستقرار، مثل نيبال والبوسنة والهرسك ورواندا وسريلانكا، ما يمنح بصيص أمل لبقية الدول بأن الخروج من دوامة الصراعات والفقر المزمن ليس أمرًا مستحيلًا، بل يتطلب إرادة سياسية صلبة، ومساندة دولية فعّالة، وبرامج تنموية مستدامة تضع الإنسان في صميم أولوياتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.