معهد صندوق الإيداع والتدبير يبحث وقع الأزمة الصحية على صناعة الطاقة خلال ندوة رقمية نظمها يوم الثلاثاء 3 نونبر

0 344

م تستثن الأزمة الصحية الحالية قطاع الطاقة الذي يعرف، على غرار العديد من القطاعات، اضطرابات مهمة بسبب القيود الصحية التي فرضت في العديد من البلدان. ولفهم تداعيات الأزمة على القطاع الحيوي للطاقة والتطورات المرتقبة، جمع معهد صندوق الإيداع والتدبير أربعة خبراء بهدف تسليط الضوء على آثار الأزمة الصحية على قطاع البترول والغاز، والطاقات المتجددة وهم:

  • أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، والوزيرة السابقة للطاقة والمعادن والماء والبيئة (2007-2012)؛
  • كريستيان نكو، مدير إدمونيوم للاستشارة، العضو السابق لمفوضية الطاقة النووية؛
  • سعيد ملين، المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية؛
  • بدر إكن،المدير العام لمعهد الأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.

« الطاقة هي وقود التنمية الاقتصادية، ووقود الحياة […] والوصول إليها يعتبر عاملا حاسما لتحقيق الاستقرار الاجتماعي »، بهذه الكلمات المختزلة أبرز كريستيان نكو الرهانات الأساسية لمسألة الطاقة، والتي تعد كذلك أحد أبرز أسباب بطء التنمية الاقتصادية في البلدان التي تعاني صعوبات في الوصول إلى الطاقة.

وترتبط بمسألة الطاقة أهداف أخرى تتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكاربون، وخلق فرص الشغل والقبول الاجتماعي بالمصادر المتطورة للطاقة.

أدى الطابع الشمولي للأزمة الصحية الناتجة عن جائحة كوفيد-19 إلى تعرية هشاشة المنظومة العالمية الحالية. وترى أمينة بنخضرة أن آثار الاضطرابات الاقتصادية الحالية متعددة: « أدت الأزمة الصحية إلى الوعي بالعديد من الوقائع: تنامي انعدام اليقين حول التوجهات المستقبلية للطلب على البترول والغاز وتقلبات الأسعار؛ الجاذبية المتزايدة للحلول المستدامة في مجال الطاقات المتجددة وضرورة تطوير أنماط الاستهلاك والإنتاج ».

وسيتطلب التفاعل مع هذا السياق، من قِبَل كل الفاعلين، الاقتصاديين والمؤسساتيين، التحلي بالكثير من المرونة من أجل استغلال الفرص والتوصل إلى إعادة بناء نموذج متأقلم ومرن.

في الوقت الراهن، فإن التداعيات على قطاع الطاقة تعتبر جد مهمة، إن لم تكن قوية، وذلك حسب مختلف القطاعات الفرعية. وحسب أمينة بنخضرة فإن « العالم يعرف اليوم العديد من التوجهات المرتبطة بآثار الأزمة على قطاع الطاقة: انخفاض الطلب بنسبة 5% في 2020 (9% بالنسبة للبترول، 8% بالنسبة للفحم، 3 إلى 5% بالنسبة للغاز، 2% فيما يخص الكهرباء، فقط الطلب على الطاقات المتجددة سيعرف زيادة بنحو 1% تقريبا)، إضافة إلى انخفاض أسعار الهيدروكاربورات، والذي ترتب عنه انخفاض في الاستثمارات (-18% في 2020) »

بذلك فإن المزيج الطاقي المستقبلي سيرتبط بالإرادات السياسية ومحددات السياسات العمومية ومخططات معاودة النشاط الاقتصادي التي سيتم اعتمادها على الصعيد العالمي.

بالنسبة لسعيد ملين، هناك إجماع بين كل الهيئات الدولية بأن مخططات معاودة النشاط بعد كوفيد يجب أن تتوجه صوب الاقتصاد الأخضر. وتجدر الإشارة إلى أن التوجه الأخضر كان قد انطلق منذ بضع سنوات في قطاع الطاقة، مع ميل تراجعي لكلفة الإنتاج في قطاع الطاقات المتجددة. «إن أرخص طريقة اليوم لإنتاج الكهرباء هي استغلال طاقة الشمس والرياح (…)، إذن فنحن الآن في مرحلة أسعار جد منخفضة، الشيء الذي يعتبر في حد ذاته بمثابة ثورة»، يضيف سعيد ملين.

من جانب آخر، فإن لقطاع الطاقات المتجددة تداعيات أكيدة، من الناحية الاقتصادية في شكل انخفاض تكاليف الإنتاج، ولكن أيضا من الناحية الاجتماعية فيما يتعلق بخلق فرص جديدة للشغل. ويوفر القطاع اليوم فرصا مهمة، سواء بالنسبة لكبار المستثمرين أو بالنسبة لحملة مشاريع أكثر تواضعا. وتجدر الإشارة إلى أن أحد الامتيازات الكبرى للقطاع يكمن في لامركزيته، والتي تسمح بإقامة محطات كهربائية كبرى أو منشآت محلية صغرى (مضخات شمسية، السقوف الشمسية، إلخ…).

وفقا للمتدخلين، فإن هناك توجه لإعطاء الأفضلية اتجاه المصادر الجديدة للطاقة، كما تؤكد ذلك المبادرات الحكومية، كما حدث سابقا في الصين ثم أخيرا في ألمانيا، التي تهدف إلى تطوير الطاقة المستخرجة من الهيدروجين الأخضر. ويتوفر المغرب على العديد من المزايا لتطوير إنتاج الطاقة من الهيدروجين الأخضر ومشتقاته. وحسب بدر إكن، فإن هذه الأخيرة ستساهم بشكل فعلي في تعزيز دمقرطة الوصول إلى الطاقة. «يذكرنا وقع تغير المناخ، إضافة إلى تداعيات الأزمة الصحية التي نجتازها، بأننا نعيش على نفس الكوكب، وبضرورة تطوير اقتصاد أخضر وشمولي من أجل صيانة الكوكب وحمايته. وبفضل الرؤية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وانخفاض كلفة إنتاج الطاقات المتجددة، ووفرة مصادر الطاقات المتجددة، فإن المغرب سيتمكن من أن يصبح مصدرا للهيدروجين الأخضر والوقود الصناعي».

وبالتالي فإن بإمكان المغرب أن يلعب دورا مهما في القطاع الطاقي، اعتبارا لموقعه الجغرافي. وجدير بالذكر أن المغرب اعتمد خلال سنة 2019 استراتيجية وطنية للطاقة، والتي ترتكز على تنويع مصادر التموين والرفع من حصة الطاقات المتجددة في الاستهلاك الوطني للكهرباء. ويتحتم على المغرب، في زمن الأزمة الذي نجتازه، أن يوطد مكتسباته ويواصل انتقاله نحو نمو أكثر خضرة. «اختار المغرب، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة، نهد التنمية المستدامة، وراكم إلى حدود اليوم 10 سنوات من المكتسبات؛ ونحن عازمون على مواصلة هذا المسار، خصوصا مع استمرار التقدم التكنولوجي وانخفاض الأسعار. ويتوفر المغرب على إمكانيات هائلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، على كامل ترابه الوطني. وبالتالي فإن برامجه لإنتاج الطاقة الخضراء ستتسارع؛ وستنخرط الصناعة في دينامية متصاعدة، كما أن قطاع النقل سيتطور بدوره في نفس الاتجاه»، تقول أمينة بنخضرة.

وفي اختتام النقاش، التقى كل المتدخلون حول أهمية توعية الجمهور العريض، خاصة الشباب، الفلاحين، الصناعيين، دعما للمجهودات المبدولة في مجال الانتقال الطاقي وتقليص مساهمة الاقتصاد في انبعاثات الكاربون. بهذا الصدد، فإن الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية تقوم بالعديد من العمليات التواصلية والتحسيسية باستعمال مختلف الأدوات والأساليب الملائمة في اتجاه مختلف المتدخلين، عبر تنظيم أو المشاركة في ملتقيات للترويج وتوعية وتحسيس عموم المواطنين والمهنيين والفعاليات المتخصصة، ونشر المعلومات التقنية والتحسيسية والترويجية والتواصلية لفائدة الفاعلين من القطاع الخاص والمؤسساتيين عبر استعمال مختلف وسائط الاتصال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.