انعقدت النسخة الخامسة والعشرون من دورة ندوات الجامعة المواطنة، التي نظمتها مؤسسة HEM، ما بين 22 يناير إلى 26 مارس الماضي على منصة Teams Live Events ، المتاحة للجميع دون أي شرط.
وتتكون الجامعة المواطنة من 9 ندوات مفتوحة للمشاركة مجانًا لجميع مواطني العالم ودون أي شروط مسبقة. وتُنظَّم الدروس مرة واحدة في الأسبوع، حيث يديرها خبراء وأساتذة مرموقون حول مواضيع مدروسة بعناية، بما يتماشى مع الظرفية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحالية، حول ثلاثة محاور رئيسية:
- المحور الأول: المؤسسات، الحياة السياسية وحقوق الإنسان
- المحور 2: الاقتصاد وإدارة الأعمال
- المحور 3: الفكر والمجتمع.
وتَمنَح الجامعة المواطنة الحق في الحصول على شهادة تقديرية للمشاركين الذين حضروا 7 ندوات على الأقل من أصل 9 ندوات معروضة.
النسخة 25 من الجامعة المواطنة بـالأرقام
أعلن بلاغ صحافي صادر عن مؤسسة HEM أنه قد تم تسجيل، في نسخة 2022، أكثر من 8000 مواطن مغربي، وأيضا مواطنو البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية، مثل الكوت ديفوار (ساحل العاج) والغابون والكاميرون والسنغال وبوركينا فاسو وتونس. كما سيتم، هذه السنة، منح 472 شهادة للمشاركين الأكثر انتظاماً في الحضور.
مواضيع متنوعة أثارت اهتمام الجميع
افتتح الأستاذ حسن أوريد النسخة 25 من الجامعة المواطنة بتنشيطه ندوة “المغرب / الجزائر: قصة علاقة مضطربة”. روى خلالها المؤرخ أوريد نبذة موجزةعن الأحداث منذ عام 1963، مشيرا إلى حرب الرمال، قبل تفصيل مداخلته حول ملامح العلاقة العاصفة القائمة بين الجزائر والمغرب منذ ما يقرب من 60 عامًا حتى الآن. وبرأيه، فإن “الاضطراب القائم اليوم بين هذين البلدين يعود إلى مشكل أيديولوجي نشأ منذ السنوات الأولى لاستقلال الجزائر، وبالتحديد بين عامي 1962 و1963”.
على مستوى آخر، أدارت سامية تغزاز، المديرة العامة المنتدبة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، الندوة الثانية ببراعة، وأقحمت المشاركين في الجامعة المواطنة “داخل الاتحاد”. فخلال مداخلتها، ذكرت س. تغزاز بمهمة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهي “الدفاع عن مصالح الشركات المغربية، والعمل من أجل مناخ أعمال موات للعمل الريادي على الصعيدين الوطني والدولي”. وهذا الموضوع أثار اهتمامًا كبيرًا لدى أكثر من 600 شخص تابعوا هذه الندوة مباشرة على الهواء.
في نفس المحور الأول “المؤسسات، الحياة السياسية وحقوق الإنسان” للجامعة المواطنة، تطرقت نزهة جسوس، الباحثة والمستشارة في الأخلاقيات الإحيائية وحقوق الإنسان، مؤلفة كتاب “امرأة في بلاد الفقها”، إلى موضوع “حقوق المرأة في مواجهة الفقه الإسلامي التقليدي”. وقد أشارت الباحثة، في معرض حديثها عن محتوى ورمزية الخطابات الفقهية حول المرأة، إلى حقيقة أن “الخطابات والآراء الفقهية لعبت دورا تاريخيا في إضفاء الشرعية والحفاظ على التسلسل الهرمي للذكور والإناث داخل الأسرة، وذلك انطلاقا من مسلسل تعديل قانون الأحوال الشخصية إلى غاية إعداد وتفعيل قانون الأسرة لعام 2004″.
انطلق المحور الثاني للجامعة المواطنة حول ”الاقتصاد وإدارة االأعمال” بمداخلة أمينة فكيكي، رئيسة نادي النساء الإداريات بالمغرب، التي أدارت ببراعة ندوتها حول موضوع ”التنوع داخل المؤسسة: رافعة لتحسين الأداء”. وارتكازا على مسارها المهني الغني ، أكدت أ. فكيكي أن “الاختلاط على مستوى هيئات التسيير له مزايا عديدة من حيث القدرة التنافسية والأداء، ومصدرًا للنمو، وكذا عاملا لجودة حياة الأجراء وتماسكهم ورفاهيتهم”، قبل أن تشير إلى أن “تنوع الرجال والنساء يقوي الذكاء الجماعي داخل المؤسسة”.
بدوره، أدار العميد نجيب أقصبي، متدخل وفي بالجامعة المواطنة، ندوة حول العدالة الضريبية. وقد انكبت ملاحظاته حول 3 نقاط رئيسية سلط فيها الضوء على انتكاسات النظام الضريبي المغربي التي أكد على أنها “غير فعالة لأنها غير منصفة والعكس صحيح …”.
أما مراد السبيطي، الخبير في التسويق الاستراتيجي ورقمنة وإدارة المنظمات، فقد تحدث في مداخلته عن “أساسيات التسويق الرقمي”. وهو موضوع مهم عندما نعرف مدى حجم تطور المجال الرقمي اليوم. فحسب السيد السبيطي، “يمكن التسويق الرقمي من تحديد وتوقع وتلبية المتطلبات المتطورة للمستهلكين”، وهذا ما قد يفسر الحماس الذي ساد هذا الموضوع مؤخرًا، وبالتحديد منذ أزمة كوفيد.
وفي إطار محور “الفكر والمجتمع”، أدار عزيز داودة، المدير التقني للاتحاد الإفريقي لألعاب القوى، والذي لديه حضور مكثف في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ندوة حول “الرياضة والأخلاق”، إذ ركز في مداخلته على أساسيات الأداء الرياضي، مشيراً إلى أن “الأداء الرياضي ينبغي أن يكون دائماً ومستمراً ومستداماً”.
كما تحدث الكاتب المتميز والدكتور في الأدب الفرنسي، أوجين إيبودي، عن موضوع “إفريقيا، قارة وأفق للفكر”. شرح أوجين إيبودي، وهو يعيد تركيز نظرته على القارة الأفريقية التي كانت مهمشة بسبب العبودية والعمل الإجباري الخ… وبرأيه فإن “لإفريقيا تاريخ عظيم وقد حان الوقت لتسليط الضوء عليه”.
أخيرًا، خُصصت الندوة الأخيرة من نسخة 2022 للجامعة المواطنة للفلسفة. أعلن بوبكر بن عمر، استاذ الفلسفة ومكون ومستشار في هندسة التكوين- الاتصال، خلال تدخله أن “الفلسفة هي رياضيات بالكلمات”. واستخدم ب. بن عمر العديد من الرسومات التوضيحية لمساعدة المشاركين في تكوين فكرة عن أهمية الفلسفة في عصرنا، مختتما بطريقة لطيفة للغاية هذه النسخة الخامسة والعشرين من الجامعة المواطنة، المنظمة من قبل مؤسسة HEM
الجامعة المواطنة.. “مفهوم مبتكر مستدام”
للتذكير، فإن الجامعة المواطنة هي مفهوم فريد من نوعه في المغرب المعاصر، والذي يستمد جذوره من الممارسات التاريخية العتيقة والتقاليد العظيمة التي طبعت ملحمة الجامعة المغربية، على مثال جامعة القرويين في فاس، حيث كان عدد من الدروس مفتوحة أمام أي كان من المارة المتعطشين ببساطة للمعرفة. وعبر نسختها الرقمية، تمكنت مؤسسة HEM من فتح أبواب الجامعة المواطنة لجمهور أوسع.
مجلة صناعة المغرب — متابعة من الدار البيضاء