الطاقات المتجددة .. المغرب يرسّخ أقدامه على طريق التحول والانتقال الطاقي

0 2٬352

قصد تحقيق نجاعة طاقية مستدامة وتقليصاً للتبعية الطاقية للمملكة، انخرَط المغرب، منذ عام 2008، وتحت القيادة السامية لجلالة الملك محمد السادس، في مسلسل طَموحٍ يروم التحول الطاقي بكل أبعاده الممكنة.

وسعى المغرب، منذ نهاية العُشَرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، إلى التوفر على قدرات مهمة من الطاقات المتجددة، كما عَمَد إلى تنويع مصادره للتزوُّد من الطاقة عن طريق إنشاء حظائر إنتاج ريحية ومحطات طاقة شمسية، دون إغفال تطوير وتعزيز الطاقة الكهرومائية تلبيةً للطلب المتزايد على الكهرباء.

وبعد إطلاق المغرب “خُطة الطاقات المتجدِّدة” منذ عام 2008، أثمرت الاستراتيجية المُتّبعة في هذا المجال الواعد عن حوالي 48 مشروعاً في طور الاستغلال، باستثمار إجمالي بَلغَ 52,1 مليار درهم، وقدرةٍ إجمالية متراكمة تزيد عن 3900 ميغاواط MW)).

وتجدر الإشارة أن المملكة المغربية تتوفرّ – حالياً- على 53 مشروعاً قيد التطوير أو الإنجاز، ذات قدرة إنتاج إجمالية تتجاوز 4200 ميغاواط، وبمجموع استثمارات تصل إلى 51,7 مليار درهم.

وتبرز أهم مؤشرات التحول الطاقي في المغرب من خلال الوجود الفعلي لـ 34 شركة مستثمِرة، تنتمي إلى 12 دولة، قصد تطوير مشاريع إنتاج الطاقات المتجددة، كما تتوفر البلاد على حوالي 600 مقاولة صغيرة تُعنى بمجال تسويق وتركيب معدات وأجهزة الطاقات المتجددة؛ وهو ما يؤكد الاهتمام المتزايد، دولياً ووطنياً، بهذا النوع من الطاقات الصديقة للبيئة.

لا يقف المغرب عند هذا الحد، بل تجتاحُه طموحات جامحة وإرادة قوية على بلوغ قدرة إنتاج 5400 ميغاواط خلال الفترة 2025 -2030، وهو ما سيرفع نسبة إنتاج واستخدام الطاقات المتجددة بالمملكة إلى 52 في المائة بحلول العام 2030.

وقد جرى، خلال السنوات القليلة الماضية، إطلاق مبادرات واعدة لتطوير استعمالات ومشاريع الطاقات المتجددة، كقطاعٍ يحظى بأولوية كبيرة وتتبّع دائم ضمن المشاريع الملكية على المدى البعيد، لعل أبرزها يتمثل في برنامج ذي قدرة إجمالية تبلغ 400 ميغاواط لإنجاز مشاريع للطاقة الشمسية الفوتو-ضوئية Photovoltaïque)) بهدف دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة في هذا القطاع وخلق فرص شغل جديدة.

ولأنّ المغرب مؤهَّل -حسب بعض الدراسات المُنجَزة- لاستقطاب 4 في المائة من السوق الدولية للطاقة الهيدروجينية، فإن إعداد خارطة طريق (Roadmap) وطنية للطاقة الهيدروجينية والتثمين الطاقي للكتلة الحيوية يُشكّلان أولوية ضمن هذه المشاريع المستقبلية، فضلًا عن تطوير برنامج لتزويد المناطق الصناعية بطاقة كهربائية نظيفة، وكذا تزويد محطات تحلية مياه البحر باستعمال الطاقات الريحية والشمسية. كما تنص الاستراتيجية الطاقية المغربية على العمل على بلورة “استراتيجية وطنية للنجاعة الطاقية” في أفق 2030.

وتطبيقاً للتوجيهات الملكية، تعبّأ كل الفاعلين في القطاع، بإرادة مُلحَّة، نحو تسريع تطوير نسيج صناعي ومقاولاتي محلّي مغربي في مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، من خلال عديدِ المشاريع، يظل أهمُّها هو إحداث مصنع لشفرات التوربينات الريحية بطنجة باستثمار يناهز مليار درهم وقدرة إنتاجية سنوية بـ 1000 ميغاواط، مع توفير 750 منصب عمل مباشر، بالإضافة إلى إطلاق الدراسة المتعلقة بتطوير هذا النسيج الصناعي-المقاولاتي بتنسيق مع وزارة الصناعة.

هذا، وتتواصل الجهود المغربية الحثيثة لضمان الريادة الإفريقية والعالمية في مجال الطاقات المتجددة؛ حيث سيتمّ إنشاء ثلاثة مصانع للوحدات الفوتوضوئية بمدن الدار البيضاء والصخيرات والحسيمة مع قدرة إجمالية تُقارب 300 ميغاواط، ثم إحداث تجمع للطاقة الشمسية وتجمُّع مماثل مخصَّص للفاعلين في قطاع الهيدروجين الأخضر.

في المُحصّلة، يبدو أن المشاريع المذكورة (سواء تلك المستغَلة أو التي في طور الإنجاز والتطوير) قد أسهمت في ضمان التوازن بين العرض والطلب، بالإضافة إلى تقليص نسبة التبَعية الطاقية الوطنية للمغرب من 97,5 في المائة سنة 2008 إلى 90 في المائة حالياً، في حين يُغطّي الإنتاج الطاقي من الموارد المتجددة حوالي 20 في المائة من تلبية الطلب الكهربائي للبلاد.

 يوسف يعكوبي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.