AgriWater 4.0.. حين يلتقي الابتكار بالماء لتغيير وجه الفلاحة المغربية

0 34

في زمن تتزايد فيه التحديات المناخية وتشتد فيه ندرة الموارد المائية، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد الحلول الأكثر ابتكارًا لدعم الزراعة المغربية وتعزيز سيادتها الرقمية والمائية.

هذا ما خلصت إليه أشغال الجلسة الافتتاحية لمنتدى AgriWater 4.0، المنعقد تحت شعار «كيف تُحدث التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي ثورة في الزراعة وإدارة المياه بالمغرب؟».

اللقاء جمع باحثين ومهندسين ومسؤولين مؤسساتيين ورواد شركات ناشئة، لمناقشة سؤال جوهري: كيف يمكن للتقنيات الحديثة والبيانات أن تتحول إلى أدوات سيادية تضمن الأمن الغذائي والمائي للمغرب؟

وفي البداية، شدد المتدخلون على ضرورة تطوير حلول محلية قادرة على التفاعل مع الخصوصيات المناخية والفلاحية للمملكة. المهدي أبو المنادل، المؤسس والمدير العام لشركة DeepLeaf، دعا إلى تبني ثقافة الابتكار المغربي في مجال الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن العديد من الأبحاث الوطنية ما تزال تعتمد على خوارزميات أجنبية لا تراعي الواقع الفلاحي المغربي.

وقال أبو المنادل: «علينا أن نصمم نماذج رقمية خاصة بنا، تنطلق من معطياتنا المحلية وتخدم مزارعينا قبل أي شيء آخر».

من جانبه، قدم حسن ديان، المدير الجهوي للأرصاد الجوية، ملامح رؤية 2035 التي تضع الابتكار الرقمي في صلب مهام مؤسسته. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا أساسيًا في تطوير التنبؤات المناخية ومراقبة جودة الهواء وتتبع التطورات الزراعية.
وأشار إلى أن هذه الدينامية تعتمد على ركيزتين أساسيتين: مشاركة البيانات بين الفاعلين وتكوين الكفاءات الوطنية القادرة على تحليلها وتحويلها إلى معرفة عملية.

وفي سياق متصل، تناولت النقاشات إمكانات الري التوقعي، أي استعمال البيانات المناخية والفلاحية لتوقع احتياجات النباتات من المياه مسبقًا. وأبرز المتدخلون أن هذا النهج يسهم في ترشيد استعمال المياه، وتقليص الهدر، وتحسين الإنتاجية، دون المساس بجودة المحاصيل أو استقرار المنظومة البيئية.

أما مولاي إدريس الصالحي، النائب الثاني لرئيس غرفة الفلاحة بجهة سوس ماسة، فقد أكد أن استدامة الزراعة المغربية تمر عبر العمل الجماعي والتدبير التشاركي للموارد المائية. وأوضح أن المزارعين في الجهة دأبوا منذ بداية الألفية على تأسيس جمعيات لتدبير مياه الري بشكل مشترك، ما سمح بترشيد الموارد ونشر تقنيات الاقتصاد في الماء.

من جهته، قدم إلياس سوخال، المدير التنفيذي لشركة Arwa Solutions، تجربة مغربية رائدة في مجال التكنولوجيا الفلاحية. وقال إن شركته تصمم وتنتج محليًا حساسات ذكية وبرمجيات فلاحية تمكن المزارعين من متابعة حالة التربة وضبط الري بدقة، مما يساعد على خفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 50 في المائة.
وأكد سوخال أن «التكنولوجيا ليست ترفًا، بل رافعة للسيادة والنجاعة الاقتصادية»، مشيرًا إلى أن امتلاك الأدوات والبيانات محليًا يمثل ضمانة حقيقية لاستقلال القرار الفلاحي.

وفي ختام الجلسة، أجمع المشاركون على أن تحقيق السيادة المائية والرقمية يمر عبر شراكة متينة بين الدولة والقطاع الخاص والبحث العلمي، مع ضرورة وضع سياسات تحفيزية تشجع تعميم استعمال التكنولوجيا في الميدان الفلاحي.
كما شدد المتدخلون على أن الماء يظل «ثروة جماعية ومسؤولية مشتركة»، وأن الحفاظ عليه لن يتحقق إلا بوعي جماعي يجعل من الرقمنة والابتكار وسيلتين أساسيتين لضمان مستقبل زراعي مستدام ومتين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.