نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لقاء تواصليا عن بعد، يوم الأربعاء، لتقديم رأيه “الاندماج الإقليمي للمغرب في إفريقيا: من أجل بلورة استراتيجيةٍ في خدمة تنميةٍ مستدامةٍ مع إفريقيا”.
ويقترح هذه الرأي، الذي اعتمد على مقاربة تشاركية مفتوحة على مختلف الفاعلين الرئيسيين المعنيين، جملةً من التوصيات الرامية إلى رفع التحدي المتمثل في تحقيق اندماج بلادنا في القارة الإفريقية وجعل هذا الاندماج رافعة للتنمية المستدامة بما يعود بالنفع على بلادنا وعلى شركائها الأفارقة.
في كلمة بهذه المناسبة، أكد أحمد رضي الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الرؤية الملكية مكّنت المغرب من تعزيز شراكات تعود بالنفع على المغرب وعلى شركائه الأفارقة.
وفي هذا السياق، يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باعتماد التنمية المشتركة منهجيةً للعمل، من خلال تطوير استراتيجية مندمجة محدّدة خاصة بالاندماج الإقليمي للمغرب في إفريقيا، وذلك بإشراك جميع الأطراف بما فيها القطاع الخاص.
ومن جانبه، قدّم منصف الزياني مقرر الموضوع، خلاصات وتوصيات المجلس المتعلقة بالاندماج الإقليمي للمغرب في إفريقيا
وفي هذا الصدد، شدّد على ضرورة تبنّي مقاربة مندمجة تقوم على التنمية الاقتصادية المستدامة؛ وتحسين ظروف عيش الساكنة؛ والاستدامة البيئية والاجتماعية؛ وتحسين حكامة مسلسل الاندماج.
نحو بناء اندماج يرتسي على التنمية المشتركة
لقد وقف تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي تم إعداده في إطار إحالة ذاتية، على السياسة الجديدة والإرادية في التعاون، المنتهجة من طرف المغرب في السنوات الأخيرة، مع باقي البلدان الإفريقية والتي ترتكز على المسؤولية المشتركة والتضامن.
وعلى الرغم من هذه الجهود المحمودة والنتائج الإيجابية التي تحققت، فإن هذه الشراكات لم تحقق بعد كل الأهداف المسطرة، كما أنها تبقى دون مستوى الفرص التي يتيحها الاندماج الإقليمي في مجال التنمية الاقتصادية، وفي الاستجابة لتطلعات شعوب القارة الإفريقية. إذ أن مستوى المبادلات التجارية بين المغرب وبقية بلدان إفريقيا لا يتجاوز 4 في المائة من مجموع المبادلات التجارية للمملكة، وهو مستوى لا يترجم حجم الإمكانات الفعلية المتاحة في مجال التعاون الاقتصادي، وكذا الحاجيات المسجلة في مجال الاندماج والتكامل التجاري بين المغرب وباقي بلدان القارة.
ومن أجل رفع تحدي الاندماج الإقليمي للمغرب في القارة الإفريقية وجعله رافعة للتنمية المستدامة التي تعود بالنفع على المغرب وعلى شركائه الأفارقة، يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ارتكازاً على الرؤية المتبصرة لجلالة الملك في هذا المضمار، بتطوير استراتيجية مندمجة خاصة باندماج المغرب في إفريقيا، تجعل من مبدأ التنمية المشتركة منهجية عمل لها، وتكون غايتها بناء شراكة تعود بالنفع على المغرب وعلى شركائه الأفارقة في مجال التنمية الاقتصادية، وتعزيز التضامن، وتقاسم المعارف والمهارات، وتحسين رفاه الساكنة.
وتهدف المقاربة المقترحة إلى جعل مسلسل الاندماج يتخذ طابعا شموليا ومتجانسا ومدمِجا وبراغماتيا ومرتكزاً على أربعة محاور كبرى:
المحور الأول، يروم جعل الاندماج الإقليمي للمغرب أولوية استراتيجية في السياسات العمومية للدولة، لا سيما من خلال تطوير استراتيجية مندمجة خاصة بتنسيقٍ بين القطاعين العام والخاص وإحداث آليات تشاور منتظمة بين القطاع الحكومي المكلف بالشؤون الخارجية والتعاون وممثلي القطاع الخاص.
أما المحور الثاني، فيتناول تعزيز آليات الاندماج على الصعيدين الإقليمي والقاري وتحسين التجانس والتكامل على مستوى مختلف الشراكات القائمة. وفي هذا الصدد، يوصي المجلس باستكمال مسلسل التصديق على الاتفاقية المتعلقة بإقامة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF)، والعمل على تعزيز التعاون مع المجموعات الاقتصادية الإقليمية. كما يقترح بناء سلاسل قيمة إقليمية ذات قيمة مضافة عالية وذات وقع اجتماعي قوي على الساكنة، والعمل، تفعيلاً لتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، على جعل جهة الداخلة-وادي الذهب قطباً إفريقياً.
وفي ما يخص المحور الثالث، فيهدف إلى تعزيز البعد الإجرائي لآليات التعاون على الصعيد الثنائي. كما يروم تقوية فعالية الاتفاقيات المبرمة مع الشركاء الأفارقة والنهوض بنجاعتها ووقعها. وفي هذا الإطار، يوصي المجلس بإنجاز حصيلة منتظمة لانعكاسات كل اتفاقية وتقييم نتائج المبادرة التي اتخذها المغرب تجاه البلدان الإفريقية 33 الأقل نمواً وتكييف مضامينها بهدف إرساء اندماج أكبر للفاعلين المغاربة في سلاسل القيمة الإفريقية.
أما المحور الرابع، فيقترح تدابير ذات طابع عرضاني تتمحور حول أربع ركائز، هي: شبكة نقل فعالة ومتاحة أمام الجميع، وآليات مالية ملائمة، والارتقاء بالإطار القانوني الخاص بمجال الأعمال، وتعزيز القدرات ودعم الدولة للمستثمرين. وفي هذا الصدد، يوصي المجلس بإنشاء صندوق استثماري عمومي موجه لإفريقيا، لتمويل مشاريع التنميةوإحداث آلية مؤسساتية لمواكبة ولوج المقاولات للأسواق الدولية، لاسيما لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة.
ويقتضي تحقيق هذا الطموح وضع سياسات إقليمية مندمجة ومنسجمة مع الاستراتيجيات القطاعية التي وضعها المغرب.