«ملاعب الذكاء الاصطناعي» تمنح الفوز للجزائر

0 69

قبل انطلاق كأس أمم أفريقيا بالمغرب، شنّت بعض المنابر الإعلامية الجزائرية، بما فيها الرسمية، حملة هجوم واسعة على استعدادات المملكة، وصلت حدّ وصف ملاعبها بأنها مجرد «نماذج وهمية» أو إنتاج للذكاء الاصطناعي. اليوم، قال الملعب كلمته. وبمفارقة لافتة، فإن هذه «الملاعب الافتراضية» نفسها هي التي مكّنت المنتخب الجزائري من إبراز مستواه الحقيقي وتحقيق الفوز.

قبل انطلاق منافسات كأس أمم أفريقيا بالمغرب، انخرط جزء من الصحافة الجزائرية في حملة هجومية ضد تنظيم البطولة. ملاعب وُصفت بغير الكافية، وبُنى تحتية جرى التقليل من شأنها، ومشاريع اعتُبرت مجرد تصاميم معمارية لا أكثر. ومع كل صورة أو فيديو كان المغرب يكشفه لتقديم منشآته الرياضية، كانت تلك المنابر تتحدث عن «مسرحية كبرى»، بل وذهبت إلى حد اتهام المملكة بفبركة محتويات مصممة بالذكاء الاصطناعي، والحديث عن ملاعب «وهمية» لن ترى النور.

الخطاب كان واضحًا ومتكررًا: البنية التحتية المغربية ليست سوى سراب إعلامي، وبعيدة كل البعد عن المعايير الدولية التي جرى الترويج لها.

غير أن الواقع فرض نفسه بقوة.

فما إن بدأت الكرة تتدحرج على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، حتى انكشفت الحقيقة. أرضية ممتازة، ظروف لعب تليق بالمنافسات الكبرى، ومحيط رياضي يسمح للاعبين بإبراز كامل مؤهلاتهم التقنية والبدنية.

وهو ما استفاد منه بشكل واضح المنتخب الجزائري. فرغم امتلاكه لاعبين موهوبين ومحترفين في أكبر الدوريات، عانى “الخضر” في الدورات السابقة بسبب رداءة الملاعب والظروف الصعبة التي لم تخدم أسلوب لعبه القائم على التقنية وسرعة تداول الكرة.

أمام السودان، وفي ملعب كان يُصنَّف إلى وقت قريب ضمن خانة «الافتراضي»، تمكن المنتخب الجزائري من تقديم كرة قدمه الحقيقية. النتيجة: فوز مقنع بثلاثة اهداف نظيفة، فرص واضحة، أداء سلس، وعرض أعاد بعض الاعتبار لمنتخب ظل محل انتقادات حادة في الأشهر الأخيرة.

المفارقة الساخرة أن هذه «ملاعب الذكاء الاصطناعي» المزعومة هي التي وفّرت للجزائر الشروط المثالية للفوز والإقناع.

يُضاف إلى ذلك أجواء متميزة، بصمتها جماهير مغربية دعمت وشجعت وقدّمت درسًا في الروح الرياضية وحسن الضيافة، واضعة متعة كرة القدم فوق كل اعتبار.

وكما يقول المثل، «الكذب حبله قصير». فقد اصطدمت سجالات الأمس بحقيقة الميدان. وأحيانًا، لا تأتي أفضل الردود من المنصات التلفزيونية أو المقالات النارية، بل ببساطة… من ملعب حقيقي، تحت أضواء حقيقية، وكرة قدم ترتقي أخيرًا إلى مستوى الطموحات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.