المغرب يسرّع وتيرة تحلية المياه لمواجهة ندرة الموارد وتزايد الطلب

0 48

في ظل تنامي التحديات المناخية وتفاقم الضغط على الموارد المائية خلال السنوات الأخيرة، يمضي المغرب بخطى متسارعة نحو توسيع اعتماد تحلية مياه البحر كخيار استراتيجي لتأمين حاجياته المتزايدة وضمان استدامة موارده.

فقد أصبح هذا القطاع يشهد طفرة لافتة، مدفوعاً بالتطور التكنولوجي وتنامي استخدام الطاقات المتجددة، ما انعكس في ارتفاع حجم الاستثمارات الموجهة إليه خلال العقد المقبل.

ووفق بيانات جديدة لمنصة «الما ديالنا» التابعة لوزارة التجهيز والماء، ينتظر أن يتصاعد حجم سوق تحلية المياه في المملكة من 400 مليون دولار سنة 2024 إلى نحو 850 مليون دولار بحلول 2033، بمعدل نمو سنوي يناهز 8.74 في المائة، حسب تقرير لمكتب الدراسات الدولي «Renub Research».

ويُعزى هذا المنحى الصعودي إلى مجموعة من العوامل أبرزها ندرة المياه، وتزايد الاستثمار العمومي، وتطور حلول التحلية، فضلاً عن الارتفاع الملحوظ في الطلب على المياه داخل المراكز الحضرية الكبرى، والاتجاه نحو دمج الطاقات النظيفة في سلاسل الإنتاج.

ويؤكد التقرير ذاته الدور المحوري للشراكات بين القطاعين العام والخاص في تمويل محطات كبرى بعدد من المدن مثل الدار البيضاء وأكادير وآسفي، وهي مشاريع مدمجة ضمن الرؤية الوطنية لتجاوز آثار الجفاف الممتد وتراجع المخزون الجوفي.

كما تسمح هذه الدينامية بتعزيز الابتكار وتحسين أداء وحدات الإنتاج، على الرغم من التحديات المرتبطة بكلفة الإنجاز العالية والمتطلبات التقنية الدقيقة، إلى جانب ضرورة ضمان عدالة توزيع المياه.

ويستند التطور التقني لصناعة التحلية في المغرب، بحسب المعطيات نفسها، بشكل أساسي إلى توسيع استخدام تقنية التناضح العكسي التي شهدت تطوراً ملحوظاً من حيث تقليص استهلاك الطاقة وتحسين أداء الأغشية، مع اعتماد واسع للطاقتين الشمسية والريحية في تشغيل الوحدات.

وقد ساهم هذا التقدم في إطالة عمر المحطات وتقليص نفقات الصيانة بفضل الأنظمة الذكية للتحكم والمعالجة المسبقة.

وفي مقدمة المشاريع الهيكلية، تبرز محطة الدار البيضاء–سطات التي ينتظر أن توفر حوالي 300 مليون متر مكعب سنوياً لفائدة نحو 7.5 ملايين شخص، في حين يشهد الشرق المغربي توسعاً مماثلاً مع مشروع محطة الناظور بطاقة تصل إلى 250 مليون متر مكعب سنوياً. أما محطة آسفي، فتبلغ طاقتها اليومية 86 ألفاً و400 متر مكعب، ضمن مسار يستهدف رفع الإنتاج الوطني من المياه المحلاة إلى 1.7 مليار متر مكعب سنوياً في أفق 2030.

ومع تراكم هذه المشاريع الكبرى المدرجة ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب 2020-2027، وما تحمله من حلول مبتكرة واستثمارات مستدامة، يمضي المغرب نحو ترسيخ موقعه كأحد أبرز الدول الإفريقية في مجال تحلية المياه، معززاً أمنه المائي وممهداً لتوفير موارد مستقرة للأجيال المقبلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.