9 مليارات درهم لإنجاز طريق سريع بطول 1055 كيلومترا يربط بين تزنيت والداخلة

0 53

أتم المغرب أحد أضخم مشاريعه الطرقية في تاريخه الحديث، والمتمثل في الطريق السريع الرابط بين تزنيت والداخلة، على مسافة تمتد لـ 1055 كيلومتراً، وبكلفة مالية تفوق 9 مليارات درهم. ويأتي هذا المشروع ضمن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015 بمدينة العيون، بهدف تحقيق تحول شامل في البنية التحتية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه الجهات.

وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، قدم مبارك فنشا، مدير المديرية المؤقتة المكلفة بإنجاز المشروع، معطيات دقيقة حول مكونات هذا الورش العملاق وأهدافه الاستراتيجية وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى التحديات التقنية التي رافقت تنفيذه.

طريق سريع بمواصفات عالمية

يمتد الطريق السريع تزنيت–الداخلة على طول 1055 كيلومتراً، ويقوم على توسيع وتأهيل الطريق الوطنية رقم 1 لتصبح ذات مسارين في كل اتجاه، بما يضمن انسيابية أكبر لحركة المرور وسلامة أفضل للمستعملين.

وقد تم الانتهاء من جميع الأشغال بما في ذلك التشوير العمودي والأفقي، وجرى فتح الطريق أمام حركة السير منذ يناير 2025 بعد فترة تجريبية ركزت على مراقبة معايير السلامة في المنحدرات والتقاطعات والمناطق الحساسة.

ينقسم المشروع إلى ثلاثة مقاطع رئيسية:

  • تزنيت–كلميم (114 كلم): بكلفة بلغت 2 مليار درهم، ويمر عبر تضاريس الأطلس الصغير الوعرة.

  • كلميم–العيون (441 كلم): شكل تحدياً هندسياً حقيقياً، ورُصدت له اعتمادات تفوق 6 مليارات درهم، وقد تم فتحه مؤخراً أمام حركة المرور.

  • العيون–الداخلة (500 كلم): أنجز قبل أكثر من عامين، بكلفة إجمالية تجاوزت مليار درهم، مع توسيع الطريق إلى عرض يبلغ 9 أمتار.

ويضم المشروع كذلك 16 جسراً و7 محطات استراحة و6 طرق التفافية و18 محطة لتفريغ شاحنات نقل الأسماك، إلى جانب مواقف مخصصة للشاحنات.

أهداف استراتيجية لتعزيز الربط الإفريقي

يهدف المشروع إلى تزويد الأقاليم الجنوبية بشبكة طرقية عصرية مطابقة للمعايير التقنية الدولية، وتحسين مؤشرات السلامة الطرقية وتسهيل نقل البضائع والأشخاص.

كما يسهم الطريق السريع الجديد في مواجهة الصعوبات الطبيعية التي تعرفها هذه المناطق، مثل الفيضانات أو تراكم الرمال، ويضمن استمرارية حركة النقل في جميع الظروف.

على المستوى الجيو–استراتيجي، يشكل هذا المشروع صلة وصل أساسية بين المغرب وعمقه الإفريقي، ويعزز مكانة المملكة كمنصة لوجستية وتجارية إقليمية تربط بين شمال القارة وجنوبها.

أثر اقتصادي واجتماعي ملموس

لا يقتصر هذا المشروع على البنية التحتية، بل يمثل قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية. فبفضل هذا الطريق، ستتراجع مدة السفر بأكثر من 3 ساعات بالنسبة للسيارات الخفيفة و5 ساعات بالنسبة للشاحنات، مما سيخفض تكاليف النقل ويزيد من تنافسية الاقتصاد المحلي.

وخلال فترة الإنجاز، وفر المشروع ما يقارب 205 ملايين يوم عمل، ومن المرتقب أن يولد تشغيله أزيد من 30 ألف يوم عمل مباشر و150 ألف يوم عمل غير مباشر سنوياً.

كما نُفذت جميع الأشغال من طرف كفاءات ومقاولات مغربية، بما يعكس التطور الكبير الذي بلغه المغرب في مجال البنيات التحتية. وقد شاركت في المشروع 36 مقاولة كبرى و15 مكتب دراسات و14 مكتباً طبوغرافياً و4 مختبرات مراقبة الجودة.

أكبر جسر طرقي في المغرب يرى النور بالعيون

بالتوازي مع هذا المشروع، تتواصل أشغال أكبر وأطول جسر في المغرب على وادي الساقية الحمراء بمدينة العيون، في إطار الطريق الدائري للمدينة.

وقد بلغت نسبة إنجاز هذا الورش أكثر من 30 في المائة، بكلفة إجمالية تناهز 1.38 مليار درهم. ويصل طول الجسر إلى 1648 متراً وعرضه إلى 21.4 متراً، ومن المقرر الانتهاء من بنائه في يوليوز 2027.

يرتكز الجسر على 15 منشأة خرسانية ضخمة مدعومة بأساسات عميقة تمتد على 7 كيلومترات، ويتضمن مسارين منفصلين للذهاب والإياب وممشى للراجلين. وسيساهم في تخفيف الضغط المروري على المدينة وتحسين السلامة، لاسيما خلال فترات الفيضانات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.