أكدت أمل الفلاح السغروشني، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أن المغرب يقف على أعتاب تحول كبير في قطاعه المالي، مدفوعا بتطورات الذكاء الاصطناعي الذي أصبح، بحسبها، محركا أساسيا لتسريع التحول الرقمي وتحسين تجربة المواطن مع الخدمات المالية.
وأوضحت الفلاح السغروشني، خلال مشاركتها في لقاء «الليالي المالية» مساء الخميس الماضي بالدار البيضاء، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي في خدمة المالية»، أن الرهان اليوم يتمثل في جعل التكنولوجيا في خدمة المواطن بالدرجة الأولى، عبر تسهيل الولوج إلى الخدمات البنكية، وتسريع العمليات، وتعزيز آليات المراقبة والتحليل الفوري للمعاملات.
ذكاء اصطناعي يعيد تشكيل التمويل
وأبرزت المسؤولة الحكومية أن العالم يتجه نحو مرحلة جديدة من «التمويل الذكي»، حيث باتت النماذج المالية القائمة على الذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل المخاطر بشكل لحظي، والكشف السريع عن محاولات الاحتيال، واقتراح حلول مخصصة لكل زبون، مشيرة إلى أن حجم الاستثمارات العالمية في هذا المجال مرشح لبلوغ 400 مليار دولار بحلول 2027، منها 35 مليار دولار تستثمرها المؤسسات المالية.
وأشارت إلى أن الهدف في المغرب هو الانتقال من الأنظمة البنكية التقليدية إلى «وكلاء ذكيين» يقدمون خدمات تفاعلية فورية عبر الصوت أو النص، بما يتيح للمستخدمين الحصول على إجابات دقيقة وسريعة.
تحديات محلية وثقافة مالية محدودة
وسلطت الفلاح السغروشني الضوء على التحديات الوطنية المرتبطة بتعميم الشمول المالي، مبرزة أن نحو 44 في المائة من المغاربة لا يتوفرون على حساب بنكي، وأن 48 في المائة من المستخدمين لا يستوعبون كليا شروط القروض أو التأمين، وهو ما يعكس، حسب قولها، ضعف الثقافة المالية وأهمية الاستثمار في التوعية والتكوين.
كما نبهت إلى تنامي مخاطر الاحتيال الرقمي الذي ارتفع بنسبة 35 في المائة منذ 2022، وإلى تأثير الاقتصاد غير المهيكل الذي يمثل 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام، معتبرة أن هذه العوامل تشكل تحديا أمام بناء منظومة مالية رقمية آمنة وفعالة.
هوية رقمية وطنية ورؤية تشريعية جديدة
وكشفت الوزيرة أن المغرب يعمل على تطوير هوية رقمية وطنية تُمكّن المواطنين من التحكم في بياناتهم الشخصية وعدم مشاركتها إلا بإذن صريح، سواء عند طلب قرض أو الحصول على خدمة عمومية، واصفة هذا التوجه بـ«الثوري» على المستوى الدولي.
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولا شاملا في عمل المؤسسات المالية، من الواجهات الأمامية إلى الهياكل الإدارية، بفضل رقمنة العمليات وتحسين تجربة الزبناء.
وفي ختام مداخلتها، أكدت أن مشروع القانون المنتظر حول تنظيم الذكاء الاصطناعي سيؤسس لإطار قانوني واضح يضمن حماية المعطيات الشخصية، ويُفعّل الهوية الرقمية، ويعزز مبدأ البيانات المفتوحة، مع ضبط تبادل المعلومات بين الإدارات العمومية في إطار من الأمان والشفافية، مبرزة أن هذه الخطوة ستشكل لبنة أساسية في بناء منظومة رقمية مغربية أكثر ذكاء وفعالية.



