سجل المغرب خطوة جديدة على درب تعزيز مكانته الاقتصادية، باحتلاله يوم السبت الماضي، المرتبة 75 عالميا والرابعة إفريقيا في مؤشر تشاندلر للحكومة الجيدة لعام 2025، بمعدل بلغ 0.466 نقطة.
وهو ترتيب يعكس التقدم الذي أحرزته المملكة في جودة الإدارة الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، بفضل مسار إصلاحي طويل جعل من الشفافية والرقمنة محورين أساسيين لتحديث القطاع العام.
يرتكز هذا التقدم على إصلاحات عميقة أطلقتها الدولة في إطار “رؤية 2035″، التي تروم بناء نموذج اقتصادي متنوع قائم على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتطوير حوكمة محلية فعالة عبر سياسة الجهوية المتقدمة. هذه الأخيرة منحت الجهات المغربية صلاحيات موسعة في التخطيط وجذب الاستثمارات، بما يسهم في تقليص الفوارق المجالية وتعزيز التنمية المتوازنة.
وقد أسهمت الرقمنة الإدارية وتبسيط المساطر وإرساء القضاء التجاري المستقل في تحسين ثقة المستثمرين، إلى جانب اعتماد أنظمة حديثة مثل الشراء العمومي الإلكتروني والإقرار الضريبي الرقمي، اللذين ساهما في محاربة الفساد وخفض كلفة المعاملات.
وفي السياق الإفريقي، جاء المغرب بعد موريشيوس ورواندا وبوتسوانا، متقدماً على جنوب إفريقيا، وهو ما يعزز مكانة المملكة ضمن الدول الإفريقية الرائدة في بناء نماذج حوكمة ناجحة تجمع بين الاستقرار والإصلاح. وتُظهر هذه التجارب أن الشفافية والنجاعة المؤسساتية ليست فقط شروطاً للحكم الجيد، بل محركات مباشرة للنمو الاقتصادي.
ويرى مراقبون أن هذا التقدم يعزز جاذبية المغرب كوجهة استثمارية موثوقة، خصوصاً في ظل ارتفاع اهتمام المستثمرين العالميين بالأسواق التي توفر استقراراً مؤسساتياً ووضوحاً تشريعياً وبيئة رقمية محفزة. فالحوكمة، كما يؤكد مؤشر تشاندلر، لم تعد مفهوماً إدارياً مجرداً، بل رافعة تنموية حقيقية تسند الثقة وتؤسس لنمو اقتصادي أكثر توازناً واستدامة.