كيف صمد الاقتصاد العالمي أمام الأزمات المتتالية؟ 

0 56

في وقتٍ تتواصل فيه التحديات الاقتصادية العالمية الناتجة عن أزمات متعددة — من تداعيات الجائحة إلى الصراعات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف التمويل — جاء التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي ليؤكد أن الاقتصاد العالمي أظهر قدرة لافتة على الصمود تفوق التوقعات السابقة.

خلال عرض مسبق لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، أوضحت كريستالينا غورغيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن النمو العالمي سيشهد تباطؤاً طفيفاً خلال سنتي 2025 و2026، إلا أن المؤشرات العامة تبقى إيجابية، إذ تمكنت الاقتصادات الكبرى من تفادي ركود كان يُخشى حدوثه قبل أشهر قليلة فقط.

الولايات المتحدة تتفادى الركود.. والسياسات الرشيدة تصنع الفرق

أشارت غورغيفا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، على وجه الخصوص، نجحت في تجنب الركود بفضل “سياسات أكثر فعالية، وقطاع خاص أكثر قدرة على التكيف، وانخفاض في حدة الرسوم الجمركية، إضافة إلى ظروف مالية أكثر دعماً للنشاط الاقتصادي”.
هذا الصمود، بحسب صندوق النقد، يعكس تحسناً في المرونة الاقتصادية على المستوى العالمي، سواء في الأسواق المتقدمة أو الناشئة، مما أعطى دفعة قوية للثقة في استدامة النمو.

نمو عالمي رغم الأزمات

وبحسب آخر تحديثات المؤسسة المالية الدولية، تم رفع توقعات النمو العالمي بمقدار 0.2 نقطة لتصل إلى 3 % خلال سنة 2025، و0.1 نقطة لتبلغ 3.1 % سنة 2026، وهو ما يعكس – رغم تواضعه – تحسناً في التوقعات مقارنةً بالأشهر الماضية.
وترى غورغيفا أن هذه الأرقام تؤكد قدرة الاقتصاد العالمي على امتصاص الصدمات والتأقلم مع بيئة مالية متقلبة، رغم استمرار المخاطر المرتبطة بالديون والسياسات النقدية المشددة.

المغرب.. نموذج في التكيف والصلابة الاقتصادية

وفي هذا السياق، يبرز الاقتصاد المغربي كأحد النماذج الإقليمية التي أظهرت صموداً لافتاً أمام التحديات المتلاحقة.
فبفضل الإصلاحات الهيكلية التي باشرها المغرب في مجالات الاستثمار، والمالية العمومية، والتحول الطاقي، إضافة إلى سياسات اجتماعية داعمة للفئات الهشة، استطاع الاقتصاد الوطني الحد من تأثير التقلبات الخارجية والحفاظ على مسار نمو إيجابي.
هذا التوجه يتماشى مع توصيات صندوق النقد الدولي، الذي يشدد على أهمية التوازن بين الاستقرار المالي ودعم النمو في مرحلة ما بعد الأزمات.

نحو اقتصاد عالمي أكثر مرونة

يخلص صندوق النقد الدولي في تقريره المرتقب إلى أن المعركة المقبلة ليست فقط ضد التباطؤ الاقتصادي، بل من أجل بناء اقتصادات أكثر مرونة واستدامة.
ومع أن الضغوط لا تزال قائمة، فإن التجارب الوطنية — ومن ضمنها التجربة المغربية — تثبت أن المرونة ليست صدفة، بل نتيجة رؤية استراتيجية طويلة المدى تقوم على تنويع الاقتصاد وتعزيز الإنتاج المحلي والابتكار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.