ندرة المياه تتفاقم… نسبة ملء السدود لا تتجاوز 31% رغم انتعاش بعض الأحواض
كشفت معطيات رسمية صادرة عن وزارة التجهيز والماء، يوم الاثنين فاتح دجنبر 2025، عن استمرار الضغط الكبير على الموارد المائية بالمغرب، حيث لم تتجاوز نسبة ملء السدود على الصعيد الوطني 31,1 في المائة، بما يعادل 5,212 مليار متر مكعب من المياه المخزنة.
وتبرز هذه الأرقام، المنشورة عبر منصة «الما ديالنا»، تفاوتاً ملحوظاً بين مختلف الأحواض المائية، إذ تعرف بعض المناطق وضعاً مريحاً نسبياً، بينما ما تزال أخرى تسجل مستويات مقلقة، خاصة تلك التي تعتمد عليها جهات واسعة في التزويد بالماء الشروب والري.
وسجّل حوض أبي رقراق واحدة من أعلى نسب الملء على المستوى الوطني، بعدما بلغ 64,8 في المائة بحجم مائي يناهز 701,6 مليون متر مكعب، مدعوماً بارتفاع حقينة سد سيدي محمد بن عبد الله الذي وصلت نسبة ملئه إلى 69 في المائة. كما سجلت سدود أخرى في الحوض نسباً متفاوتة، منها سد تامسنا بـ32 في المائة، وسد المالح بـ23 في المائة، والحيمر بـ12 في المائة.
وفي الجنوب الشرقي، حقق حوض كير–زيز–غريس نسبة ملء بلغت 46,9 في المائة، بحجم يقدر بـ251,8 مليون متر مكعب، بفضل أداء سد حسن الداخل الذي عرف نسبة 57 في المائة، متبوعاً بسد قدوسة بنسبة 32 في المائة.
أما حوض اللوكوس فشهد انتعاشاً واضحاً، إذ بلغت نسبة الملء فيه 45,4 في المائة، بحجم إجمالي وصل إلى 869,1 مليون متر مكعب، مدعوماً بسدود رئيسية مثل وادي المخازن (73%) والشريف الإدريسي (81%) وسد شفشاون الذي سجل نسبة مرتفعة بلغت 84 في المائة، في وقت ما تزال فيه سدود أخرى، مثل دار خروفة ومحمّد بن عبد الكريم الخطابي، في مستويات متدنية لا تتجاوز 12 و10 في المائة.
كما بلغت نسبة ملء سدود حوض تانسيفت 42,7 في المائة (97,1 مليون متر مكعب)، مع تسجيل أداء جيد لكل من سد سيدي محمد بن سليمان الجزولي (89%) وسد أبو العباس السبتي (61%)، مقابل نسب ضعيفة بسد لالة تكركوست الذي لم يتجاوز 22 في المائة.
وفي حوض سبو، ورغم تحقيق نسبة ملء بلغت 40,2 في المائة، إلا أن هذا الحوض يظل الأكبر من حيث حجم المياه المخزنة بإجمالي 2,237,6 مليون متر مكعب، بفضل سدود ضخمة مثل الوحدة الذي بلغت حقينته 1,474 مليار متر مكعب (41%)، وسد إدريس الأول بـ381,4 مليون متر مكعب، إضافة إلى تسجيل امتلاء تام لسد علال الفاسي، وارتفاع مخزون سد المنع إلى 77 في المائة.
غير أن بعض الأحواض ما تزال ترزح تحت وطأة العجز المائي، فحوض درعة–واد نون لم يتجاوز 28,1 في المائة بحجم 294,9 مليون متر مكعب، بينما سجّل حوض ملوية 26,6 في المائة رغم امتلاء سد واد زا بالكامل.
وتبقى الوضعية الأكثر حرجاً في حوض سوس–ماسة الذي لم يتخطّ 19 في المائة بإجمالي 139 مليون متر مكعب، مع نسب ضعيفة جداً في معظم السدود، بينها سد يوسف بن تاشفين (12%) وسد عبد المومن (10%)، باستثناء سد مولاي عبد الله الذي بلغ 49 في المائة.
وفي المقابل، يواصل حوض أم الربيع تصدر قائمة الأحواض الأكثر عجزاً بنسبة لم تتجاوز 8,6 في المائة، بحجم 429,7 مليون متر مكعب فقط.
وتعكس هذه الوضعية صعوبة المرحلة التي تمر منها الموارد المائية بالمغرب، في ظل استمرار شح التساقطات وتزايد الطلب على الماء خلال السنوات الأخيرة، وتبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز تدبير المتاح المائي وترشيد الاستعمالات، إلى جانب تسريع المشاريع المرتبطة بتحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة، لضمان أمن مائي مستدام يحد من المخاطر المستقبلية المرتبطة بالجفاف.
وفي سياق متصل، تتواصل الأشغال المتعلقة بتعلية عدد من السدود في إطار تعزيز الأمن المائي، وفي مقدمتها سد محمد الخامس بجهة الشرق، الذي يعد من أكبر الأوراش المفتوحة حالياً.
فمنذ دخوله الخدمة سنة 1967 بسعة أولية بلغت 730 مليون متر مكعب، شهد السد تراجعاً مهماً في حقينته ليستقر اليوم عند حدود 165 مليون متر مكعب، ما دفع وزارة التجهيز والماء إلى إطلاق مشروع ضخم لتعلية السد انطلقت أشغاله في أبريل 2021.
وبحسب الحسين با أحمد، رئيس المشروع بالمديرية العامة لهندسة المياه، بلغت نسبة تقدم أشغال التعلية إلى نهاية نونبر 2025 نحو 66,5 في المائة، على أن تنتهي الأشغال في شتنبر 2026.
وقد رُصد لهذا الورش غلاف مالي يناهز 1,7 مليار درهم، ويقوم على تقنية الخرسانة المدكوكة التي ستسمح برفع علو السد بـ12 متراً، ما سيؤدي إلى زيادة قدرته التخزينية إلى 981 مليون متر مكعب، أي ما يقارب ستة أضعاف السعة الحالية، وهو تحول سيعزز بشكل كبير الأمن المائي في المنطقة ويحميها من تقلبات المناخ.



