من الأرصفة إلى الحقائب: الكتاب المستعمل ملاذ الأسر في مواجهة الغلاء

0 36

مع بداية كل دخول مدرسي، تنبض الأحياء الشعبية والأسواق بحركية خاصة، حيث تعود تجارة الكتب المستعملة لتفرض حضورها كطقس سنوي يجمع بين الاقتصاد والتضامن. فبينما يجد فيها بعض الباعة موسما يوفر دخلا إضافيا، تعتبرها أسر كثيرة فرصة لتخفيف عبء النفقات الدراسية المتزايدة.

على الأرصفة، تُعرض كتب من مختلف المستويات الدراسية في صناديق خشبية أو على طاولات بسيطة، بأسعار تقل غالبا عن نصف ثمن النسخة الجديدة. هذا الإقبال، كما تقول خديجة، بائعة منذ 14 عاما بسلا الجديدة، يزداد هذا العام بعد عودة الأسر من السفر وتزامنه مع ذكرى المولد النبوي. وتضيف أنها توفر كتبا لمختلف المستويات بأسعار تراعي إمكانيات الأسر، بل تلجأ أحيانا إلى مقايضة كتب العام الماضي مقابل أخرى جديدة مع فارق بسيط، في صيغة عملية لتدوير الكتاب ودعم الاقتصاد الأسري.

ورغم خبرتها الطويلة، تعترف خديجة أن مهنتها موسمية شاقة، فهي تتطلب الوقوف لساعات طويلة ومراقبة مستمرة للكتب المعروضة، فضلا عن ضغط الطلبات خلال فترة الذروة. كما أن التغييرات المفاجئة في المقررات تقوض جهودها وتثقل كاهل الأسر ذات الدخل المحدود.

من جانبها، ترى راضية، وهي موظفة وأم لأربعة أبناء، أن اللجوء إلى الكتب المستعملة صار خيارا ضروريا في ظل غلاء الأسعار، خاصة بالنسبة لمستويات الإعدادي والثانوي حيث يمكن إعادة استعمال المقررات. أما في الابتدائي، فتظل الكلفة أعلى بسبب كثرة كتب الأنشطة التي تُستهلك في سنة واحدة.

بهذا المشهد، تتحول تجارة الكتب المستعملة إلى أكثر من مجرد بيع وشراء، إذ تعكس ثقافة مجتمعية قائمة على التضامن والتدبير الذكي للموارد، وتتيح في الآن ذاته دخلا موسميا لشباب وكبار يقترحون بديلا واقعيا لمعضلة ارتفاع كلفة الدخول المدرسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.