عيد الاستقلال: مناسبة مجيدة تجسد التناغم التام بين العرش والشعب

0 49

 يحتفل الشعب المغربي يوم الثلاثاء، بفخر وفرح، بالذكرى السبعين لعيد الاستقلال، هذه المناسبة المجيدة التي ترمز إلى تتويج ملحمة طويلة من الكفاح للدفاع عن وحدة المملكة، وسيادتها، وثوابتها المقدسة، في إطار تناغم تام بين العرش والشعب.

تتجذر ذكرى عيد الاستقلال في سجلات تاريخ المملكة وقلوب جميع المغاربة، وتشكل مناسبة لتذكير الأجيال بسياق هذا الحدث العظيم الذي جسد انتصار الإرادة المشتركة للعرش والشعب، المتوحدين جنبًا إلى جنب في كفاح طويل لتحرير البلاد من نير الاستعمار وإرساء أسس مغرب موحد ومستقل، متطلع إلى مستقبل زاهر.

ومن أبرز لحظات هذا الكفاح الوطني زيارة تاريخية قام بها والد الأمة وبطل التحرير، الراحل محمد الخامس، إلى طنجة في 9 أبريل 1947، مؤكدةً التزام المغرب، ملكًا وشعبًا، بالحرية، والسلامة الترابية، والهوية الوطنية.

شهدت بدايات ثلاثينيات القرن الماضي تحول الحركة الوطنية إلى نشاط سياسي لإحياء روح الوطنية في جميع فئات المجتمع المغربي، لا سيما بين الشباب.

كما عملت الحركة الوطنية على نشر القضية المغربية على الساحة الدولية، مما أربك السلطات الاستعمارية التي ردّت بإجراءات قمعية لمحاولة إجهاض مشروع الاستقلال، المنسق بعناية مع الراحل محمد الخامس، رحمه الله.

ورغم النفي القسري الذي فرضه المستعمر على محمد الخامس والأسرة الملكية، أولاً في كورسيكا ثم في مدغشقر، لم تتراجع روح الكفاح الوطني، بل شهدت انفجاراً شعبياً في جميع المدن والقرى المغربية.

عرفت جميع مناطق المملكة معارك بطولية وثورات شعبية جسدت مقاومة الشعب المغربي للوجود الأجنبي والسيطرة الاستعمارية، ومن أبرزها معارك الحري، أنوال، بوغافر، جبل بادو، سيدي بوعثمان، وانتفاضات قبائل آيت بعمران، ومناطق الجنوب، وغيرها من الملحمات التاريخية التي ألحق فيها المقاومون هزائم كبيرة بالقوات الاستعمارية.

وتُعتبر ثورة الملك والشعب في 20 أغسطس 1953 لحظة بارزة من اللحمة الوطنية والكفاح الشجاع للشعب المغربي، الموحد خلف جلالته. وتمثل للأجيال الجديدة مناسبة لقياس حجم التضحيات التي قدمها الأجداد من أجل تحرير البلاد واستعادة استقلالها.

وعند عودته من المنفى في 18 نوفمبر 1955، أعلن الراحل محمد الخامس نهاية الحماية الفرنسية وبداية عهد الحرية والاستقلال، مصرحاً بأن ذلك يمثل الانتقال من “الجهاد الصغير” إلى “الجهاد الأكبر”، خاتماً بذلك انتصار ثورة الملك والشعب.

مثل الاستقلال منعطفاً حاسماً في تاريخ المغرب، وحقق انتصارًا باهرًا لتكريس الجهود الوطنية ضد الاستعمار منذ 30 مارس 1912. وانطلقت مرحلة جديدة، أُطلقت خلالها إصلاحات في جميع القطاعات الحيوية لبناء مغرب حديث والحفاظ على وحدته الترابية.

وفي خطى والديه، قاد الراحل الحسن الثاني استكمال الوحدة الترابية باسترجاع سيدي إفني في 30 يونيو 1969، ثم استعادة الأقاليم الجنوبية عبر المسيرة الخضراء في 6 نوفمبر 1975، مع التركيز على بناء مؤسسات دولة القانون وتعزيز الديمقراطية.

واليوم، يواصل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، مسيرة تحديث المغرب، مع التركيز على الدفاع عن الوحدة الترابية وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة تضمن لكل مواطن حياة كريمة، مع وضع العنصر البشري في قلب السياسات الوطنية.

وتشكل الاحتفالات بعيد الاستقلال فرصة لإعادة استحضار صفحات مجيدة من تاريخ المغرب، مليئة بالأعمال البطولية والتضحيات دفاعًا عن قيم الوطن المقدسة، كما تُعد فرصة لغرس روح المواطنة في نفوس الأجيال الجديدة للحفاظ على المكتسبات الديمقراطية وترسيخ الوحدة الترابية للمملكة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.