في خطوة غير مسبوقة في واشنطن، صعّد السيناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس من لهجته تجاه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، متهماً إياها بتحويل سياسة المناخ إلى ساحة «احتلال» من طرف لوبي صناعات الوقود الأحفوري.
وقال السيناتور عن ولاية رود آيلاند، المعروف بمواقفه الصارمة دفاعاً عن قضايا المناخ داخل الكونغرس: «لم يعد هناك ما يمكن تسميته بحكومة… إنها قوة احتلال لصناعة الوقود الأحفوري»، معتبراً أن المسؤولين الحاليين لا يؤدون سوى دور «خَدَم» لمصالح الشركات النفطية، متجاهلين المصلحة العامة.
تحذير من «أكبر عملية احتيال سياسية»
يستعد وايتهاوس الأسبوع المقبل لإلقاء خطابه رقم 300 حول أزمة المناخ تحت عنوان حان وقت الاستيقاظ، ساعياً لكشف ما يصفه بأنه «أخطر حالات الفساد والاحتيال السياسي» في تاريخ الولايات المتحدة.
وكشف تقرير حديث لمنظمة Climate Power أن كبرى شركات النفط أنفقت ما لا يقل عن 445 مليون دولار لدعم حملة ترامب الانتخابية لعام 2024، وسط تقديرات بأن المبلغ الفعلي قد يكون أعلى بكثير بسبب تبرعات يصعب تتبعها.
منذ عودته إلى البيت الأبيض، لم يتردد ترامب في اتخاذ قرارات وصفها مراقبون بالانتكاسة البيئية؛ إذ انسحب مجدداً من اتفاق باريس للمناخ، وبدأ في تفكيك قوانين أقرها سلفه باراك أوباما، كما أضعف عمل الوكالات العلمية المختصة.
ويحذر السيناتور من أن خطورة الوضع تتفاقم مع ازدياد الظواهر المناخية المتطرفة، آخرها الفيضانات التي اجتاحت تكساس هذا الأسبوع، والتي يعزوها الخبراء جزئياً إلى التغير المناخي.
اللوبي النفطي في قلب السياسة الأمريكية
ويرى وايتهاوس أن نقطة التحول الكبرى حدثت عام 2010 مع حكم المحكمة العليا المعروف بـCitizens United، والذي ألغى القيود المفروضة على تمويل الحملات الانتخابية من طرف الشركات، ما فتح الباب واسعاً أمام لوبي النفط للتغلغل في صلب الحزب الجمهوري بوعود بتمويلات غير محدودة.
ويذكّر بأن النقاشات حول التغير المناخي لم تكن بهذا القدر من الاستقطاب قبل ذلك، لافتاً إلى أن شخصيات محافظة مثل جون ماكين كانت تقدم مقترحات لمعالجة الأزمة، وحتى ترامب نفسه وقّع عام 2009 مقالاً مشتركاً يدعو فيه الرئيس أوباما إلى تكثيف الجهود المناخية.
آفاق الحل
رغم هذا المشهد القاتم، يبدي وايتهاوس تفاؤلاً بإمكانية التغيير. ويراهن على الأدوات الدولية مثل آليات الضرائب على الكربون التي أطلقتها أوروبا عام 2022، والتي قد تدفع الولايات المتحدة لإعادة النظر في سياساتها إذا تبناها شركاء تجاريون كبار مثل كندا أو بريطانيا.
كما يراهن على مشروع قانون لتعزيز شفافية تمويل الحملات الانتخابية يناقَش حالياً داخل الكونغرس، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية المتزايدة، إذ بدأت بنوك وشركات تأمين كبرى في الانسحاب من مناطق عالية المخاطر بسبب تواتر الكوارث المناخية.
وختم السيناتور قائلاً: «عندما تتضح حقيقة ما يجري هنا، سنشهد إعادة ضبط شاملة… وسيُحاسَب المسؤولون.»