رئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي يدعو إلى تعزيز حماية المواطنين وتوسيع التغطية التأمينية

0 52

خلال أشغال اللقاء السنوي التاسع للفيدرالية الوطنية لوكلاء ووسطاء التأمين بالمغرب (FNACAM)، أشاد عبد الرحيم الشافعي، رئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ، بقدرة سوق التأمين المغربي على الصمود رغم التحديات الاقتصادية، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة تعزيز حماية المواطنين وتقليص فجوات التغطية التأمينية.

وأوضح الشافعي أن قطاع التأمين سجل رقماً معاملاته بلغ 60 مليار درهم سنة 2024، بارتفاع نسبته 5 %، فيما حقق نموًّا قدره 7 % خلال النصف الأول من سنة 2025، ما يعكس دينامية إيجابية يتعين مواكبتها بإعادة تفكير شاملة في نموذج عمل القطاع لمواجهة التحولات التكنولوجية والمجتمعية المتسارعة.

سوق قوي… لكن الحماية ما زالت غير متكافئة

أشار الشافعي في كلمته إلى أن رغم النمو المستمر للقطاع، ما تزال الفوارق في الحماية التأمينية كبيرة. فمعدل اختراق التأمينات في المغرب، الذي يناهز 4 %، يفوق المعدلات المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لكنه يظل دون الإمكانات الحقيقية للمملكة.

وأكد أن طموح هيئة ACAPS يتمثل في “توسيع التغطية التأمينية بشكل مستدام حتى تصبح الحماية حقاً للجميع وليست امتيازاً للبعض”.

وفي استعراضه لتطور الإطار القانوني للتأمينات منذ إلزامية التأمين على السيارات سنة 1937 وصولاً إلى التأمين الإجباري على مشاريع البناء حديثاً، أعلن الشافعي عن مشروع جديد يتعلق بإقرار التأمين الإجباري متعدد المخاطر على المساكن، بهدف حماية الأفراد وممتلكاتهم من الأخطار الطبيعية والحوادث التي لا تزال نسبة التغطية بشأنها محدودة جداً.

نحو مراجعة شاملة لنظام التأمينات الإلزامية

أقر رئيس الهيئة بأن الإطار الحالي للتأمينات الإلزامية رغم متانته لا يزال غير منسجم وغير مطبق بالشكل الأمثل، داعياً إلى إرساء منظومة موحدة وواضحة وشاملة.

وفي هذا الإطار، كشفت دراسة مشتركة بين هيئة ACAPS والفيدرالية المغربية لشركات التأمين (FMA) عن محورين أساسيين لتطوير القطاع:

  • تعزيز حماية الأفراد والممتلكات ورؤوس الأموال،

  • وتحسين الشمول المالي والاجتماعي، بما يجعل منتجات التأمين في متناول فئات أوسع من المواطنين.

ويُلاحظ اليوم أن التأمينات الإلزامية تمثل حوالي 33 % من إجمالي الأقساط و60 % من المحافظ المدارة، ما يجعل السوق معتمدة بشكل كبير على هذا النوع من التأمينات. ويرى الشافعي أن هذه الهيمنة تحدّ من التنويع والابتكار، الأمر الذي تسعى الهيئة إلى معالجته من خلال مراجعة الكتاب الرابع من مدونة التأمينات بهدف تحديث الإطار التنظيمي، وتثمين الرأسمال البشري، وفتح المجال أمام قنوات توزيع رقمية أكثر مرونة وشمولية.

الذكاء الاصطناعي… رافعة للتحول ووسيلة للرقابة

ركز اللقاء السنوي التاسع على موضوع “التأمينات الإلزامية والوسطاء في مواجهة الذكاء الاصطناعي”، حيث شدد الشافعي على ضرورة تحقيق توازن بين الابتكار والمسؤولية.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً محورياً في سلسلة القيمة داخل قطاع التأمين، سواء من حيث تخصيص المنتجات، وتسعير المخاطر، والكشف عن الاحتيال، وتسريع معالجة التعويضات.

وأعلن عن مشروع لإحداث نظام رقابي رقمي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يُعنى بمراقبة المبيعات عبر الإنترنت والاتصالات المتعلقة بمنتجات التأمين، بهدف الكشف المبكر عن الممارسات غير المطابقة للقانون وتعزيز حماية المؤمن لهم.

نحو منظومة مغربية مبتكرة للتأمين

وفي سياق مواكبة التحول الرقمي، أطلقت هيئة ACAPS سنة 2025 برنامج “إيـمـيـرجـنـس” (Émergence)، وهو إطار للتعاون يجمع شركات التأمين والوسطاء والمقاولات الناشئة في مجال التكنولوجيا (Insurtech) من أجل ابتكار حلول عملية تستجيب لاحتياجات السوق المغربي.

وسيجري تدشين أول نسخة من البرنامج يوم 16 أكتوبر 2025، في خطوة تُجسد إرادة الهيئة في بناء منظومة وطنية للتأمين المبتكر.

كما أعلن الشافعي عن مشروع رقمنة شهادة التأمين على السيارات عبر رمز QR آمن، إلى جانب إطلاق منصة “EDUCAPS” المخصصة لنشر الثقافة المالية والتأمينية بين المواطنين، ولا سيما فئة الشباب.

الابتكار بمسؤولية… والحماية بعدالة… والخدمة بثقة

واختتم رئيس هيئة ACAPS كلمته بالتأكيد على أن مستقبل القطاع يقوم على ثلاثة ركائز أساسية:

الابتكار بمسؤولية، الحماية بعدالة، والخدمة بثقة.

وهي رؤية استراتيجية تسعى إلى تعزيز مكانة المغرب كفاعل إقليمي رئيسي في مجال التأمين، وجعل حماية المواطن محور كل الإصلاحات والسياسات المستقبلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.