نظم معهد صندوق الإيداع والتدبير، مؤخراً، ندوة رقمية حول الانتعاش الاقتصادي في المغرب، بحضور عدد من الخبراء المتخصصين الذين طرحوا سبل وأسس تحقيق هذا الهدف.
وقد أكد الباحث البارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، العربي الجعايدي، أن التعافي الاقتصادي بالمغرب رهين بإرساء إطار ماكرو اقتصادي مناسب يدرج عدة مكونات مالية ونقدية ومحاسبية.
الجعايدي أوضح، خلال ندوة عن بُعد، نظمها معهد صندوق الإيداع والتدبير تحت عنوان “ما هي معالم التعافي الاقتصادي؟”، إن الأمر يتعلق بالمكونات المالية والنقدية والمحاسبية، مشددا على ضرورة التفكير قدما في تداعيات استراتيجية التعافي التي يتم نهجها، خاصة في ميزان الأداءات والتوازن الخارجي.
وأمام هذا الوضع الإقتصادي غير واضح المعالم، يبدو أن النمو سيكون بطيئا نسبيا، إذا لم يتم اتخاذ سلسلة من الإصلاحات، مشيرا إلى أن الإصلاحات الهيكلية ليست كافية، وأنه يجب تحويل الإرادة إلى فعل اجتماعي واقتصادي ومالي.
وفي هذا الصدد، شدد الجعايدي على أهمية اعتماد مقاربة إصلاحية متكاملة كفيلة بضمان تنفيذ الإصلاحات في إطار زمني يمكن إدارته، وتدبير الموارد بفعالية، مع إبراز الحاجة إلى التفكير في ميكانيزمات التخطيط الاستراتيجي والمتابعة، بالإضافة إلى وضع إستراتيجية حوار اجتماعي، بحيث تتولى جميع الجهات الفاعلة إستراتيجية التعافي.
وفي إشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة للتعامل مع الأزمة، أشاد الخبير الاقتصادي بالإجراءات المتخذة لدعم الأسر والمقاولات، مشيرا إلى أن هذه التدابير إلى جانب التساقطات المطرية الأخيرة، أتاحت للاقتصاد المغربي الصمود في وجه الأزمة.
ولضمان استمرارية هذا الأداء، أوضح الجعايدي أنه من الضروري أن تكون هناك سياسة نقدية تسمح بتوسيع الموارد العادية للدولة، والتحرك نحو أشكال مبتكرة للتمويل وضمان التكامل بين الاستثمارات العامة والخاصة.
من جهته، أكد مدير العمليات لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي جيسكو هنتشل، أن العالم يواجه أزمة صحية كبيرة تسببت في حالة من عدم اليقين على جميع المستويات ، و”من هنا يتعين ضرورة إعادة التفكير في تنظيم الاقتصاد العالمي”.
وأشار هنتشل أيضا إلى أن الأزمة شكلت أيضا فرصة للابتكار والبحث عن سلاسل قيمة جديدة وتدفقات تجارية جديدة ، مضيفا أنها رسخت قبل كل شيء دور الدولة في الاقتصاد، من خلال دعم مختلف الجهات الاقتصادية الفاعلة ، على وجه الخصوص المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وقال إن التعافي الاقتصادي المستدام لا يمكن أن يتحقق دون الاستثمار في رأس المال البشري كعامل أساسي لتنمية أي اقتصاد، مشيرا إلى دور الابتكار ومشاركة النساء في سوق العمل وفي النمو الاقتصادي.
وبخصوص الإجراءات التي اتخذها المغرب لمواجهة الأزمة، أشاد مدير العمليات بالجهود المبذولة لخلق فرص عمل وتقليص التفاوتات، مشيرا إلى أن العمل المهم المتمثل في ورش تعميم الحماية الاجتماعية للفئات الأشد فقرا، سيمكن الأسر الأكثر ضعفا من مقاومة الأزمة بشكل أكبر.
من جانبه، أكد ممثل مكتب التدقيق الدولي PWC بالمغرب، رضا لوماني، أن نموذج التعافي الذي ننشده جميعا في الغد يجب أن يعيد إرساء رابط الثقة هاته بين المواطنين والسلطات العمومية ، كما انه سيتعين وضع الرأسمال البشري في قلب أي استراتيجية تخص الذهاب بعيدا في هذا المنحى.
وأشار لوماني أيضا إلى أن الوباء شكل صدمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة أدت إلى ظهور أنماط جديدة لإدارة المقاولات المغربية ، مشيرا إلى أن النسيج الاقتصادي، في تحول كامل ، وينبغي أن يعتبر هذه الأزمة فرصة حقيقية لانتقال مستدام.
وفي هذا الصدد توقفت المتحدث ذاته عند رهانات (ESG) المعايير البيئية والاجتماعية والحكامة لدى المقاولات المغربية، مؤكدا ان هذه المعايير تشكل عموما الركائز الثلاث للتحليل المالي.
وقال إنه يتعين على المقاولات التفكير قدما في التزاماتها تجاه البيئة والمجتمع والحكامة ، مؤكدا أن معايير ESG تشكل رافعة لتعبئة تمويل أسرع وأكثر استدامة ، وبفضل معايير ESG ، “يمكننا تقييم ممارسة مسؤولية المقاولات تجاه محيط الأطراف ذات الصلة (الأجراء والشركاء والمناولون والزبناء).
يشر إلى أن معهد صندوق الإيداع والتدبير هو مختبر للأفكار وفضاء للتفكير والنقاش حول القضايا التي تهم المجال الاقتصادي والاجتماعي الوطني.