أكد تقرير حديث لمنصة التحليل الاقتصادي The African Exponent، استنادًا إلى بيانات مؤشر Numbeo العالمي، أن المدن المغربية تواصل تعزيز حضورها الاقتصادي داخل القارة الإفريقية، بعدما ضمنت ثلاث منها مكانًا ضمن قائمة أفضل عشر مدن إفريقية من حيث القوة الشرائية المحلية لسنة 2025، متقدمة على عدد من المراكز الاقتصادية الكبرى في القارة.
وجاءت العاصمة الرباط في مقدمة المدن المغربية، محتلة المرتبة السادسة على الصعيد الإفريقي بمؤشر بلغ 54.2 نقطة من أصل 100، متقدمة على الدار البيضاء التي حلت في المركز الثامن بـ39.2 نقطة، فيما جاءت مراكش تاسعة بمعدل 37.2 نقطة.
ويبرز هذا الأداء، وفق التقرير، متانة القدرة الاستهلاكية لدى الأسر المغربية، ولا سيما الفئة المتوسطة، التي استطاعت الحفاظ على استقرار نسبي في مستويات عيشها رغم التقلبات الاقتصادية العالمية.
وأوضح التحليل المرافق للتقرير أن تفوق الرباط على الدار البيضاء يعود إلى طبيعة بنيتها الاقتصادية، إذ تعتمد العاصمة الإدارية بشكل أكبر على الوظائف العمومية والقطاعات الرسمية، ما يوفر استقرارًا أكبر في الدخل، مدعومًا بسياسات إسكان موجهة وبرامج تنمية حضرية حسّنت من جودة الخدمات العمومية والنقل.
أما الدار البيضاء، ورغم مكانتها كقلب اقتصادي للمملكة ومساهمتها بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي، فإنها تواجه تحديات حضرية متزايدة، من قبيل ارتفاع تكاليف المعيشة والسكن والتنقل، إضافة إلى انعكاسات تقلبات التجارة الدولية على الأسعار، ما يحد من تأثير ارتفاع الأجور على القدرة الشرائية الحقيقية للسكان.
وفيما يتعلق بمدينة مراكش، أشار التقرير إلى أن اعتمادها الكبير على السياحة والخدمات يجعل قدرتها الشرائية رهينة بعوامل موسمية، مما يؤدي إلى تقلبات في المؤشرات الاقتصادية المحلية.
وتوقع المصدر ذاته أن تشهد المدن المغربية مزيدًا من التحسن في مؤشرات القوة الشرائية خلال السنوات المقبلة، مع تعميم برامج الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية (AMO) والدعم الاجتماعي المباشر وتوسيع أنظمة التقاعد، وهي إصلاحات كبرى من شأنها تخفيف الأعباء المعيشية على الأسر وتعزيز دخلها المتاح للإنفاق.
كما أبرز التقرير أن توسيع شبكة الأمان الاجتماعي وتثبيت مداخيل العاملين في القطاع العام يمثلان ركيزتين أساسيتين لرفع مستويات الرفاه الاجتماعي، ما قد يساهم في تحسين تصنيف المدن المغربية على المستويين الإفريقي والعالمي خلال السنوات المقبلة.
وختم التقرير بالتأكيد على أن القوة الشرائية تشكل مؤشراً مركزياً لقياس تنافسية المدن، وقدرتها على جذب الكفاءات ورؤوس الأموال، بما يجعلها عنصراً حاسماً في رسم ملامح التنمية الحضرية والاقتصادية المستدامة.




