تراجع مشاركة النساء في سوق الشغل… تقرير دولي يدق ناقوس الخطر بالمغرب
كشف آخر تحديث اقتصادي لمجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، الصادر تحت عنوان “العمل والنساء: المواهب غير المستغلة والنمو غير المحقق”، عن صورة مقلقة بشأن وتيرة خلق فرص الشغل في المنطقة، مؤكداً أن رفع مستويات المعيشة يظل رهيناً بقدرة الدول على توفير العمل والاستفادة الكاملة من طاقاتها البشرية؛ وهي الخلاصة التي تنسحب أيضاً على الحالة المغربية.
ووفق التقرير، لا يزال المغرب يواجه تحديات بنيوية في سوق العمل، إذ تسير وتيرة إحداث مناصب الشغل بوتيرة أبطأ من توسع الفئة النشيطة، وهو وضع تفاقم خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في الوسط القروي المتضرر من تكرار موجات الجفاف.
كما ما تزال معدلات البطالة مرتفعة، خصوصاً وسط الشباب والنساء، فيما تواصل نسبة المشاركة في سوق العمل تراجعها.
وأشار البنك الدولي إلى أن انخفاض مشاركة النساء في سوق الشغل يمثل واحدة من أكبر العقبات أمام التنمية في عدة بلدان من المنطقة، ومن بينها المغرب. فبيانات التقرير تكشف أن معدلات انخراط النساء في سوق العمل إما ظلت راكدة أو شهدت تراجعاً، بما في ذلك وسط الحاصلات على تعليم عالٍ، كما أن الفتيات الشابات أقل احتمالاً للمشاركة مقارنة بالأجيال السابقة.
وتوضح الوثيقة أن المنطقة تُسجّل أدنى مستوى لمشاركة النساء في القوى العاملة عالميًا، بمختلف مستويات الدخل، وبفوارق كبيرة بين المجالين الحضري والقروي، وبخطى متباينة في ما يتعلق بالتقدم المحرز.
ولتحسين أداء سوق الشغل وتعزيز ظروف العيش، أوصى التقرير بجملة إصلاحات هيكلية، أبرزها تشجيع بروز اقتصاد مهيكل، وتحفيز المقاولات ذات النمو المرتفع، وتحديث التشريعات الاجتماعية، وتوسيع فرص الشغل لفائدة النساء. كما توقف التقرير عند عراقيل متعددة تحدّ من المشاركة الاقتصادية للنساء، تتعلق بالأسرة والأعراف الاجتماعية والإطار القانوني وبطء تجاوب القطاع الخاص، مؤكداً الحاجة إلى توسيع دور المرأة في الاقتصاد بشكل فعلي.
وفي توصياته الختامية، شدد البنك الدولي على أن توفير نقل آمن وخدمات رعاية أطفال بأسعار معقولة يُعد ضرورياً لتمكين النساء من دخول سوق العمل.
وفي السياقات التي تحدّ فيها التقاليد من اللجوء إلى خدمات الرعاية الرسمية، يمكن للإصلاحات القانونية أن تعيد تشكيل أنماط تقبل المجتمع لهذه الخدمات.
كما أبرز التقرير أهمية تحسين خدمات النقل العام وتعزيز معايير السلامة في الفضاءات الحضرية، مثل الإنارة، لزيادة قدرة النساء على التنقل بثقة.
ويرى البنك الدولي أن تعزيز المنافسة بين الشركات الخاصة وتلك المملوكة للدولة قد يرفع كلفة التمييز في التوظيف، فيما يمكن لدعم النساء في مناصب القيادة وريادة الأعمال أن يخلق تأثيرات إيجابية غير مباشرة، إذ تميل الشركات التي تديرها نساء إلى توظيف عدد أكبر من النساء وإلى تغيير ثقافة العمل نحو مزيد من المساواة.
ويختتم التقرير بالتأكيد على أن المنطقة لم تعد قادرة على تحمل كلفة تعطيل نصف طاقاتها البشرية، وأن توسيع مشاركة النساء في سوق العمل يشكل شرطاً أساسياً لتحقيق النمو والصمود أمام التحولات الديموغرافية المقبلة.
كما شدد على أن الإصلاحات المتكاملة التي تعزز القطاع الخاص وتزيل الحواجز القانونية والثقافية واللوجستية هي السبيل الأكثر فعالية لإطلاق إمكانات النساء غير المستغلة.



