المغرب يستعيد جزءاً من مخزونه المائي وسط تحديات مناخية متواصلة

0 52

أفرزت أحدث المؤشرات الرسمية المتعلقة بالوضعية المائية بالمملكة، المحينة إلى غاية يوم الاثنين 15 دجنبر 2025، معطيات تعكس تحسناً نسبياً في المخزون المائي الوطني مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، رغم استمرار التحديات المناخية وتوالي سنوات الجفاف.

وأفادت البيانات الصادرة عن منصة «الماء ديالنا»، التابعة لوزارة التجهيز والماء، أن النسبة الإجمالية لملء السدود على الصعيد الوطني بلغت 31.5 في المائة، بحجم تخزين إجمالي ناهز 5281.5 مليون متر مكعب، مقابل 4857.4 مليون متر مكعب خلال منتصف دجنبر 2024، أي بزيادة تفوق 424 مليون متر مكعب، وهو ما يمثل نمواً نسبته حوالي 8.7 في المائة.

ويعطي هذا التحسن، رغم محدوديته، هامشاً من الارتياح النسبي بخصوص وضعية الأمن المائي، دون أن يقلل من ضرورة مواصلة اليقظة وترشيد الاستهلاك في ظل هشاشة الموارد المائية.

وعلى مستوى توزيع الموارد بين الأحواض المائية، كشفت المعطيات عن تفاوتات مجالية واضحة، إذ تصدر حوض أبي رقراق قائمة الأحواض الأكثر امتلاء بنسبة 66.4 في المائة، مستفيداً أساساً من الأداء الإيجابي لسد سيدي محمد بن عبد الله، الذي بلغ معدل ملئه 70 في المائة، بمخزون يناهز 690.1 مليون متر مكعب، ما يعزز تزويد الرباط والدار البيضاء والمناطق المجاورة بالماء الشروب، ويخفف الضغط عن الفرشات المائية.

وسجل حوض كير-زيز-غريس بالجنوب الشرقي بدوره مؤشرات مطمئنة، بنسبة ملء بلغت 54.9 في المائة، مدعوماً بالمخزون الجيد لسد حسن الداخل الذي وصل إلى 67 في المائة.

أما بالشمال، فقد حافظ حوض اللوكوس على وضعية مريحة نسبياً بنسبة 45.9 في المائة، حيث بلغ سد النخلة نسبة ملء كاملة، في حين سجل سد واد المخازن 73 في المائة، بمخزون يقارب 492 مليون متر مكعب، وهو ما يعكس تحسناً مهماً في جهة ذات وزن فلاحي واقتصادي كبير.

وفي وسط البلاد، بلغ معدل الملء بحوض تانسيفت 43.9 في المائة، مع تفاوت بين السدود، إذ اقترب سد سيدي محمد بن سليمان الجزولي من الامتلاء بنسبة 88 في المائة، مقابل 21 في المائة فقط بسد لالة تاكركوست.

كما سجل حوض سبو نسبة ملء بلغت 40.1 في المائة، بمخزون يفوق 2227 مليون متر مكعب، مدعوماً بسد الوحدة الذي بلغ 41 في المائة، أي ما يعادل 1466.7 مليون متر مكعب، في حين اقترب سد علال الفاسي من الامتلاء الكامل بنسبة 98 في المائة.

في المقابل، لا تزال عدة أحواض مائية تعيش وضعية مقلقة، من بينها حوض درعة–واد نون الذي لم تتجاوز نسبة ملئه 28.3 في المائة، رغم تسجيل سد المنصور الذهبي 39 في المائة، إضافة إلى حوض ملوية بنسبة 26.5 في المائة، حيث بلغ سد علي واد زا نسبة ملء كاملة، مقابل تراجع حاد بسد محمد الخامس الذي لم تتجاوز نسبة ملئه 15 في المائة.

وتزداد حدة التحديات في حوض سوس–ماسة، الذي لم تتعد نسبة ملئه 18.6 في المائة، مع تسجيل نسب ضعيفة بسدي يوسف بن تاشفين وعبد المومن، وهو ما يثير مخاوف حقيقية بشأن مستقبل النشاط الفلاحي بالجهة.

ويبقى حوض أم الربيع الأكثر إثارة للقلق، بعدما سجل أدنى نسبة ملء وطنية بـ8.8 في المائة فقط، بمخزون لا يتجاوز 438.6 مليون متر مكعب، في ظل وضعية حرجة لسد المسيرة الذي لم تتعد نسبة ملئه 3 في المائة، إلى جانب استمرار ضعف المخزون بسدود بين الويدان والحسن الأول.

ويرى مختصون أن هذه المعطيات تؤكد استمرار الاختلالات البنيوية في بعض الأحواض الاستراتيجية، رغم التحسن النسبي المسجل وطنياً، ما يفرض تسريع مشاريع تحلية المياه، والربط بين الأحواض، وترشيد الاستعمال، كخيارات لا بديل عنها لضمان الأمن المائي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.