الذكاء الاصطناعي في العمل البرلماني: نحو برلمان أكثر كفاءة وتفاعلا مع المواطنين

0 48

يشكل إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات التشريعية طفرة تكنولوجية واعدة من شأنها الرفع من فعالية العمل البرلماني وتعزيز جودة التشريع والتفاعل مع المواطنين، بحسب ما خلص إليه تقرير صادر عن مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة بمجلس النواب حول “الذكاء الاصطناعي: الآفاق والتحديات”.

وأوضح التقرير أن الذكاء الاصطناعي يمكّن البرلمانيين من تحليل البيانات التشريعية المعقدة بسرعة ودقة، مما يسهم في اتخاذ قرارات مستنيرة، كما يتيح أدوات جديدة للتواصل الفعّال مع المواطنين، وهو ما يمثل نقلة نوعية في أداء المؤسسة التشريعية وقدرتها على الاستجابة لتطلعات المجتمع.

رقابة أكثر دقة وتحديات قانونية وأخلاقية

وأكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم كذلك لتعزيز الوظيفة الرقابية للبرلمان عبر تتبع السياسات العمومية بشكل أكثر دقة، وضمان متابعة تنفيذ القوانين.

ورغم هذه الإمكانيات الواعدة، نبه التقرير إلى وجود عدد من التحديات المرتبطة أساساً بحماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية، مبرزاً أن “مبدأ الشفافية يثير تساؤلات حول كيفية اتخاذ القرارات البرلمانية استناداً إلى خوارزميات قد تكون أحياناً غامضة أو منحازة”.

وفي هذا الصدد، شدد التقرير على ضرورة وضع إطار قانوني وأخلاقي واضح يحدد ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات التشريعية، بما يضمن احترام القيم الديمقراطية وصون الحقوق الفردية.

نحو مشاركة مدنية أوسع وتحول رقمي شامل

وأشار التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي، عند دمجه بالتقنيات الرقمية، يعزز المشاركة المدنية من خلال تمكين البرلمان والحكومة من تحليل كميات هائلة من البيانات وصياغة توصيات دقيقة، ما يسهم في اتخاذ قرارات قائمة على معطيات وافية وموثوقة.

كما يُسهّل الذكاء الاصطناعي مشاركة المواطنين في العملية التشريعية عبر تبسيط لغة النصوص القانونية، وتوفير ترجمات فورية، مما يجعل التشريع أكثر قابلية للفهم والانخراط.

دعم الصياغة التشريعية وتحسين إدارة الأرشيف

ويبرز التقرير أن بإمكان مجلس النواب توظيف الذكاء الاصطناعي لدعم مراحل صياغة القوانين، من خلال تحليل التشريعات القائمة، وتوليد مسودات مشاريع قوانين جديدة تراعي الاتساق والشمولية، إلى جانب أتمتة عدد من المهام المتكررة لتوفير الوقت وتحسين الأداء.

وفي ما يخص الأرشفة، أفادت مجموعة العمل بأن الذكاء الاصطناعي قادر على تسريع عملية رقمنة الوثائق التشريعية، وتحليل الآراء والتعليقات المقدمة بشأن مشاريع القوانين أو العرائض، ما يعزز التفاعل مع المبادرات المواطنة.

تحولات مهنية ومجالات جديدة في قلب العمل البرلماني

ويخلص التقرير إلى أن الإمكانيات الكبيرة التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي تطرح تحديات مهنية جديدة، أبرزها بروز تخصصات دقيقة مثل البرمجة، وتطوير البرمجيات، وتحليل النظم، والصيانة، وأمن المعطيات، والتي ينبغي إدماجها تدريجياً في محيط العمل البرلماني من أجل ترشيد الموارد وتحسين جودة الخدمات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.