استقرار الدرهم أمام الأورو وارتفاع الاحتياطيات النقدية

بنك المغرب يكشف عن المؤشرات الاقتصادية والمالية لشهر غشت 2024

0 193

شهد سعر صرف الدرهم استقرارا ملحوظا مقابل اليورو خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 28 غشت 2024، في وقت سجل فيه ارتفاعا بنسبة 0.82% أمام الدولار الأمريكي، وفقاً لأحدث المؤشرات الصادرة عن بنك المغرب.

ويأتي هذا الاستقرار وسط تقلبات عالمية في أسواق العملات، حيث يواجه الدولار الأمريكي ضغوطا متزايدة نتيجة التغيرات في السياسات النقدية الأمريكية والعالمية.

الأصول الاحتياطية: ركيزة الاستقرار المالي

على صعيد الأصول الاحتياطية، بلغت قيمتها 361.8 مليار درهم في 23 غشت، ما يعكس تراجعا بنسبة 0.5% مقارنة بالأسبوع السابق، ولكنها تبقى أعلى بنسبة 1.8% عن مستواها في العام الماضي. هذا التراجع الأسبوعي يعكس تدفقات رأس المال المتذبذبة، لكنه يظل في إطار المقبول نظرا للتحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية.

الأصول الاحتياطية تلعب دورا حيويا في دعم استقرار العملة المحلية، حيث تمنح البنك المركزي القدرة على التدخل في الأسواق لضمان الاستقرار النقدي.

التدخلات النقدية: دعم السوق المالي

خلال الفترة ذاتها، بلغت تدخلات بنك المغرب في السوق المالي 146.8 مليار درهم في المتوسط اليومي. توزعت هذه التدخلات على تسبيقات لمدة 7 أيام بمبلغ 63.2 مليار درهم، وعمليات إعادة الشراء طويلة الأجل بقيمة 49.4 مليار درهم، إضافة إلى قروض مضمونة بقيمة 34.3 مليار درهم. هذه التدخلات تظهر التزام البنك المركزي بتوفير السيولة اللازمة للنظام المصرفي، مما يساهم في الحفاظ على استقرار السوق النقدي وتحقيق التوازن بين العرض والطلب على الأموال.

السوق بين الأبناك: استقرار وسط تذبذبات

أما بالنسبة للسوق بين الأبناك، فقد بلغ متوسط حجم التداول اليومي 2.6 مليار درهم، مع تسجيل معدل بين-بنكي مستقر عند 2.75% في المتوسط. هذا الاستقرار يعكس حالة من التوازن النسبي بين العرض والطلب على السيولة، على الرغم من التحديات المستمرة في الأسواق المالية العالمية. وبالنظر إلى طلب العروض الذي تم يوم 28 غشت، قام البنك المركزي بضخ 65 مليار درهم على شكل تسبيقات لمدة 7 أيام، مما يعكس استمرارية دعم البنك المركزي للنظام المالي وضمان توفير السيولة اللازمة.

سوق البورصة: تباين في أداء القطاعات

فيما يخص سوق البورصة، لم يسجل مؤشر “مازي” أي تغير يذكر خلال الفترة من 22 إلى 28 أغسطس، ليبقى أداؤه منذ بداية السنة عند مستوى 15%. وعلى الرغم من هذا الاستقرار الظاهري، فإن هناك تباينات في أداء القطاعات المختلفة. حيث سجل قطاع الاتصالات ارتفاعاً بنسبة 4.2%، بينما شهدت قطاعات الأدوات والبرمجيات والخدمات المعلوماتية نمواً بنسبة 6.8%. في المقابل، تراجعت مؤشرات قطاعات المباني ومواد البناء بنسبة 1.6%، والبنوك بنسبة 0.9%. تعكس هذه التباينات التغيرات المستمرة في توقعات المستثمرين وتوجهاتهم الاستثمارية بناءً على الأداء الاقتصادي العام والمخاطر المحيطة.

الكتلة النقدية: تسارع النمو يعكس الثقة

شهدت الكتلة النقدية (M3) نمواً سنوياً بنسبة 6.2% خلال شهر يوليوز 2024، مقارنة بنسبة 4.6% في الشهر السابق. يعود هذا النمو إلى ارتفاع الديون الصافية للإدارة المركزية بنسبة 13.5%، وتسارع نمو القروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي بنسبة 2.8%. هذه الزيادة تشير إلى تحسن الثقة في الاقتصاد المغربي، حيث يعكس نمو الكتلة النقدية توسع النشاط الاقتصادي وزيادة الطلب على الأموال.

التطورات في القطاع غير المالي: مؤشرات إيجابية

القروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي سجلت تسارعاً في النمو من 1.2% إلى 2.8% في يوليوز، مع ارتفاع ملحوظ في القروض الموجهة للشركات غير المالية الخاصة بنسبة 1.8%، وزيادة بنسبة 1% في القروض الموجهة للأسر. يعكس هذا النمو زيادة في الاستثمارات والتوسع في الأنشطة الاقتصادية، وهو مؤشر إيجابي على التعافي الاقتصادي.

الديون المتعثرة: تحسن نسبي

فيما يخص الديون المتعثرة، فقد سجلت تباطؤاً من 3.4% إلى 3%، واستقر معدلها عند 8.7% من إجمالي القروض خلال يوليوز. هذا التحسن النسبي يعكس جهود البنوك في إدارة مخاطر الائتمان وتحسين جودة الأصول المالية، مما يسهم في تعزيز الثقة في النظام المصرفي.

تطورات السوق النقدي: عوامل متعددة تسهم في الاستقرار

أظهر التقرير أن تسارع وتيرة النمو السنوي للكتلة النقدية يعكس بشكل رئيسي ارتفاع الودائع تحت الطلب لدى البنوك بنسبة 8.5%، وزيادة النقد المتداول بنسبة 10%. بالإضافة إلى ذلك، شهدت الحسابات الآجلة نمواً بنسبة 2.5%، بينما تراجع الانكماش في حيازات الوكلاء الاقتصاديين من سندات هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة النقدية إلى 9.1%. كما تباطأ نمو حسابات الادخار إلى 3.5%. هذه التطورات تشير إلى ديناميكية السوق المالي المغربي، حيث تتأثر مختلف الأصول النقدية بالتغيرات الاقتصادية والمالية على المستوى المحلي والدولي.

إن البيانات الاقتصادية والمالية الأخيرة لبنك المغرب تقدم صورة شاملة عن استقرار الاقتصاد المغربي على الرغم من التحديات العالمية. يظهر ذلك من خلال استقرار سعر صرف الدرهم، وارتفاع الأصول الاحتياطية، والنمو المتسارع للكتلة النقدية والقروض البنكية. هذه المؤشرات تعكس الجهود المبذولة من قبل بنك المغرب لضمان استقرار النظام المالي ودعم النمو الاقتصادي، مما يضع المغرب في موقف جيد لمواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.

رشيد محمودي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.