حصريا لمجلة “صناعة المغرب”: أنس الأنصاري يكشف عن استراتيجيات تطوير صناعة النسيج في المغرب وتوجهات مستقبلية واعدة

0 618

يشهد قطاع النسيج في المغرب تحولات نوعية ومهمة، تعكس رؤية المملكة الطموحة لتعزيز مكانتها كقطب صناعي تنافسي على المستوى الإقليمي والعالمي.

وتأتي هذه التطورات استنادا إلى سلسلة من اللقاءات والاجتماعات الاستراتيجية مع مستثمرين دوليين، خاصة من الصين، إذ تهدف إلى تعزيز التعاون في هذا القطاع الحيوي الذي يوظف مئات الآلاف ويشكل عنصرا مهما في الاقتصاد الوطني.

في هذا السياق، أجرى محسن الجزولي، وزير الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، يوم الخميس 26 شتنبر 2024، اجتماعا استراتيجيا مع وفد من المجلس الوطني الصيني للنسيج والألبسة برئاسة نائب رئيس المجلس شو ينغشين، حيث تم التباحث حول فرص تعزيز التعاون بين المغرب والصين في قطاع النسيج.

وقد حضر هذا الاجتماع وفد من كبار المسؤولين المغاربة في القطاع، من بينهم أنس الأنصاري، رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، الذي كشف في تصريح خاص لمجلة “صناعة المغرب” عن تفاصيل الخطط المستقبلية لتطوير هذا القطاع الحيوي في البلاد.

تطور القطاع ومساهمته الاقتصادية

استهل أنس الأنصاري تصريحه بتسليط الضوء على التطورات الكبيرة التي شهدها قطاع النسيج في المغرب، مشيرا إلى أن القطاع تمكن في عام 2021 من توظيف حوالي 200 ألف شخص. هذا الرقم شهد نموا ملحوظا في عام 2022، حيث ارتفع إلى 220 ألف عامل، مسجلا نسبة نمو قدرها 9%. ومع نهاية عام 2024، من المتوقع أن يصل عدد العاملين في هذا القطاع إلى 235 ألف، وهو ما يمثل نسبة نمو إضافية تصل إلى 7% في ظرف سنة واحدة.

هذا النمو السريع يعكس، وفقا للأنصاري، النجاح الذي حققته الاستراتيجية الوطنية لتطوير التشغيل، خاصة في قطاع النسيج، حيث أن القطاع يعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية ديناميكية.

وتابع قائلاً: “قطاع النسيج والملابس في المغرب يلعب دورا حيويا في خلق فرص العمل وتنمية الاقتصاد المحلي. النمو الذي تحقق في الأعوام الأخيرة يعكس مدى جاذبية المغرب كوجهة للمستثمرين الدوليين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية التي تجعل من المملكة بوابة استراتيجية نحو الأسواق الإفريقية والأوروبية على حد سواء.”

فرص استثمارية واعدة بالتعاون مع الصين

أحد أهم النقاط التي تطرق إليها الأنصاري في حديثه كان الاجتماع الأخير الذي جمع المسؤولين المغاربة مع وفد من كبار المستثمرين الصينيين. وأكد الأنصاري أن هذا الاجتماع كان ثمرة لجهود مكثفة بدأت منذ نهاية عام 2023، حين تم التحضير للقاءات رفيعة المستوى بين المسؤولين المغاربة والصينيين بهدف جذب الاستثمارات الصينية إلى المغرب.

وأشار الأنصاري إلى أن “الاستثمارات الصينية في قطاع النسيج في المغرب لا تقتصر فقط على إنشاء مصانع جديدة، بل تشمل أيضا نقل التكنولوجيا وتطوير الكفاءات المحلية. الصين تعتبر واحدة من أكبر منتجي المواد الأولية في العالم، وإذا تمكنا من تصنيع هذه المواد الأولية في المغرب، فإننا سنحقق قفزة نوعية في تطوير القطاع.”

وأوضح أن الاستثمارات الصينية المعلنة تصل إلى حوالي 300 مليون درهم، والتي ستسهم في خلق 2000 فرصة عمل بحلول نهاية عام 2025. كما كشف عن توقيع اتفاقيات استثمارية مهمة مع مستثمرين صينيين تهدف إلى تطوير سلاسل الإنتاج في مجالات الغزل والنسيج، مشيرًا إلى أن هناك اهتمامًا متزايدًا من قبل الفاعلين الصينيين للاستثمار في المغرب، بفضل موقعه الاستراتيجي وقربه من الأسواق الأوروبية والإفريقية.

تحديات وفرص لتصنيع المواد الأولية محليا

أحد التحديات الكبرى التي تواجه صناعة النسيج في المغرب هو الاعتماد الكبير على استيراد المواد الأولية من الخارج، حيث يتم استيراد حوالي 85% من مدخلات الإنتاج من دول مثل الصين وتركيا والبرتغال. هذه التبعية تشكل عبئا على القطاع، سواء من حيث التكلفة أو القدرة التنافسية.

يقول الأنصاري: “أحد أهدافنا الاستراتيجية هو تقليص هذا الاعتماد على الواردات عبر تصنيع المواد الأولية محليا. نريد أن ننتقل من مجرد خياطة الملابس إلى إنتاجها بالكامل في المغرب، من النسيج إلى التصنيع النهائي. هذا يتطلب تطوير منظومة صناعية متكاملة تشمل جميع مراحل الإنتاج.”

وأضاف أن الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة تعمل على تحفيز الاستثمارات في هذا المجال عبر توقيع اتفاقيات شراكة مع منظمات دولية، مثل الجمعية الفيدرالية للنسيج في البرتغال، لتسهيل نقل التكنولوجيا والاستثمار في المغرب. واعتبر الأنصاري أن هذه الشراكات تمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق استقلالية صناعية في قطاع النسيج، مما سيسهم في تعزيز القدرة التنافسية للمغرب على الصعيد الدولي.

وبالرغم من التحديات التي يواجهها القطاع، يبدو المستقبل واعدا، وفقًا للأنصاري، الذي يرى أن “المغرب يمتلك كل المقومات لتحقيق قفزة نوعية في صناعة النسيج، سواء من حيث الموقع الجغرافي الاستراتيجي أو الاتفاقيات التجارية الحرة التي تربطه بأسواق عالمية مهمة مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. إذا تمكنا من تصنيع المواد الأولية محليًا، سنتمكن من زيادة صادراتنا وتوسيع أسواقنا إلى مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الأسواق الإفريقية المتنامية.”

 

وفي هذا الصدد، أكد الأنصاري أن المغرب يهدف إلى رفع نسبة التصنيع المحلي في قطاع النسيج إلى 70% في السنوات القليلة القادمة، مضيفًا: “نحن لا نتحدث فقط عن الخياطة، بل عن صناعة النسيج بكافة مراحله. الهدف هو أن تكون الملابس المصنعة في المغرب 100% مغربية، من المواد الأولية إلى المنتج النهائي.”

دعم حكومي وإرادة مشتركة

شدد الأنصاري على توجيه الشكر للحكومة المغربية، ممثلة في وزارة الاستثمار ووزارة الصناعة، على دعمها المتواصل للقطاع، مؤكدا “الجهود المشتركة بين الحكومة والجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة والقطاع الخاص هي التي ستقودنا إلى تحقيق أهدافنا الطموحة. نحن نعيش في بلد يتمتع ببنية تحتية ممتازة وموقع جغرافي مثالي، ولا ينقصنا سوى استغلال هذه العوامل لتحقيق النجاح.”

رشيد محمودي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.