في سياق مأزوم، تأثَّر بسببه أكثر من 2 مليون صانع تقليدي مغربي بشكل فعلي وكبير نتيجة الأزمة الصحية، يأتي انعقاد اللقاء الخامس ضمن سلسلة ندوات “معهد صندوق الإيداع والتدبير INSTITUT CDG ” المعنونة بـ”نظرات نحو المستقبل” لسنة 2021، والمُنظَّمِ، عن بُعد، حول موضوع: “ماذا لو أصبح الصانع التقليدي المغربي صاحب مقاولة؟“. وشارك أربعة متدخلين يُمثّلون أطيافاً اقتصادية من مجالات مختلفة: عزيزة العواد، خبيرة في التنمية البشرية والاجتماعية، متخصصة في إدماج الشباب؛ كزافيي رايلي، مدير مكتب المغرب لشركة التمويل الدولية (مؤسسة مالية تابعة للبنك الدولي ومتخصصة في تنمية القطاع الخاص)؛ طارق صديق : مدير عام “دار الصانع” ويوسف غالم، مؤسس ومدير عام مؤسسة “ميراثي”.
وحسب بلاغ صحفي توصل موقع “مجلة صناعة المغرب” بنسخة منه، فإن هذه الندوة هَدَفَت “إلى بحث الآفاق المستقبلية المتاحة أمام الصانع التقليدي المغربي، والإحاطة بالأوضاع الحالية التي يمرّ منها، إضافة إلى بحث الحلول والتوصيات الكفيلة بإعطاء نَفَسٍ قويّ ومستدام لنشاط الصناعة التقليدية بالمغرب وكذلك تيسير إدماجها بشكل أكبر في إطار الاقتصاد المُهَيْكَل، وعلى الخصوص وبشكل أساسي، في عالم المقاولة”.
وبالنظر إلى إمكانيات النمو الكبيرة التي يختزِنُها القطاع، ساهَم المتدخلون، الذين تناوبوا على الحديث خلال هذه الندوة، في “إثراء التعريف المؤسساتي للصانع التقليدي، مُذَكِّرين بالسمات الخاصة لأنشطة الصناعة التقليدية اعتبارا لدورها في الحفاظ على التراث والموروث الثقافي ومساهمتها في الديناميكية المجالية المحلية وقدرتها على الإسهام في خلق قيمة مُضافة اقتصادية حقيقية للبلد، وعن طريق ذلك، إفساح المجال أمام إدماج أكبر للساكنة”، يوضح البلاغ الصادر عن “معهد CDG“.
ولَفَتَ المصدر ذاته إلى أن “إنتاج” الصناعة التقليدية لا يشكل إلا الجزء المرئي من منظومة بيئية أوسع وأشمل، والتي تضم، على امتداد سِلسلة القيمة، فاعلين ينتمون لمجالات متعددة ومتنوعة؛ من بينها دراسات السوق والبحث والتنمية والتقييس والإنتاج واللوجستيك والتوزيع والتواصل. انطلاقا من ذلك، فإن القطاع يَنِمُّ عن قدرات كبيرة ومهمة، مثلما يتجلى ذلك في رقم معاملاته البالغ 78 مليار درهم، والذي لا يُمَثّل ضمنه النشاط الدولي سوى 800 مليون درهم، الشيء الذي يعد مؤشرا عن مدى الإمكانيات الهائلة التي يختزنها هذا القطاع المدعو إلى تغيير صورته لتتطابَقَ مع علامة “المغرب“. ويمكن بهذا الصدد إضفاء صفة “المقاولاتية” على استراتيجيات تحوُّل وتنمية القطاع، وذلك لكونها تتعلق بسلوك ملتزم في اتجاه التحوّل إلى مقاولة. وهو ما يعدّ شرطا ضروريًا لكنه غير كافٍ.
Artisanat : l’institut CDG apporte sa contribution à l’artisan marocain
وأجمع المتدّخلون المشاركون في الندوة المذكورة، أن “هناك توافُقاً حول ضرورة التوجه نحو تشكيل نسيج اقتصادي ديناميكي وخالق لفرص الشغل” إذ ‘يطرح تحقيق هذا المطلب ضرورة تنمية شبكة من المقاولات الصغيرة جدا، خاصة وأن الإطار المؤسساتي المغربي يتيح للصناع التقليديين حلولًا متنوعة لإحداث المقاولات مثلما هو الحال بالنسبة لنظام “المقاول الذاتي” الذي يتضمن مخاطر أقل ويخفف كثيرا من ثقل التحمُّلات الجبائية، وهذا هو الشأن -كذلك- بالنسبة للمجموعات ذات النفع الاقتصادي.
وخَلُصَت توصيات ندوة معهد صندوق الإيداع والتدبير من أجل تحفيز تنمية أنشطة الصناعة التقليدية وتشجيعها على الالتحاق بالمَدارات المُهيكِلة للاقتصاد المغربي إلـى:
- ضرورة بلورة سياسة تحفيزية للصناعة التقليدية من أجل تثمين ومواكبة سلاسل الإنتاج الحرفية، من أجل بلوغ الوتيرة الأمثل لنمو القطاع؛
- دعم “التكوين والمواكبة الخاصة والشخصية للحرفيين والمقاولين”؛ تحسين ولوج الأسواق من خال الطلب العمومي والتوزيع الكبير؛
- دعم الابتكار عبر استغلال التكنولوجيا الجديدة للتطور في ظل سوق شديد التنافسية؛ ربط المعطيات مع البحث والتنمية في سبيل دعم تنمية الحرفيين-المقاولين؛
- انبثاق أبطال كبار في مجال الصناعة التقليدية ليشكلوا قاطرة تجر القطاع نحو الأعلى، مع استغلال الفرص المتاحة من طرف منصات التجارة الإلكترونية وجعلها روافع حقيقية للنمو؛
- دعم انتقال المعارف والمهارات والكفاءات بين أجيال الصناع التقليديين وتحفيز الابتكار من أجل التطوير المستمر والمتجدد للنماذج والتصاميم؛
- تشجيع وتعزيز التكاملات والتعاون بين المُصمّمين والصناع التقليديين بهدف غزو الأسواق الدولية.