حكومة الشباب الموازية تقدم تصورها حول التعمير وإعداد التراب الوطني

0 1٬044

السياسيات العمومية، ومنذ بداية الأزمة واكبت الوزارة الشابة المكلفة بإعداد التراب الوطني و التعمير بحكومة الشباب الموازية الآثار المترتبة على هذا القطاع و أعدت مذكرة رؤية شمولية مبتكرة لإعطاء نفس جديد لهذا القطاع و تعزيز تنافسيته من أجل تحسين ظروف عيش المواطن و ضمان استمرارية النشاط الاقتصادي و الاجتماعي.

تعتبر المدن مجالات منتجة للثروة بحيث تساهم ب75 % من الناتج الداخلي الخام و مع تفشي جائحة كورونا و فرض حالة الطوارئ و الحجر الصحي شلت حركة جميع الأنشطة الاقتصادية و تأثر النمط اليومي للمواطن بشكل كبير، و تم وقف جميع أوراش التنمية. كما ستتأثر بشكل كبير جميع أهداف التنمية المستدامة. مما جعلنا نتساءل عن مدى مرونة منظومة التخطيط الحضري في مواجهة الأخطار الغير المتوقعة وقدرتها  على التعافي سريعا بأقل الأضرار من أجل إعادة خلق ديناميكية جديدة و تجديد جاذبية المجالات.

ولطالما اعتبرت الأزمات فرصة حقيقية لإعادة تصور جديد لمنظومة التخطيط الحضري و التي طالها التقادم و لم تعد توازي الإصلاحات الدستورية و التوجيهات الملكية السامية التي أعطت انطلاقة أوراش مهيكلة للتنمية و كذا مواثيق الدولية للتنمية المستدامة. و من هذا المنطلق قدمت الوزيرة الشابة “صفاء العلمي الفيلالي” المكلفة باعداد التراب الوطني و التعمير بحكومة الشباب الموازية جملة من المقتراحات و الإجراءات والتي جاءت في مذكرة بعنوان : التعمير و التهيئة المجالية ما بعد كوفيد19: خلق جاذبية جديدة للمجالات من أجل إقلاع آمن مرن و مستدام، حيث همت المذكرة عدة أبعاد تعميرية “التعمير التفاوضي” “التعمير التنافسي” “التعمير المواطن” ” التعمير الرقمي الذكي” ” التعمير من أجل السكن” ” التعمير و البناء ” ” التعمير و التنقل الإيكولوجي” من أجل بناء مجالات مستدامة و مرنة و آمنة و مندمجة”، وتتلخص المذكرة في المحاور التالية :

  1. إرساء إطار قانوني يتميز بالمرونة عبر تحيين مقتضيات القانون 90-12 المتعلق بالتعمير و الذي أطر التهيئة المجالية لما يقارب 30 سنة و أصبح متجاوز و لا يواكب متطلعات الأفراد و تغيرات المجال و ذلك عن طريق تعزيز التعمير التفاوضي عوض التعمير التنظيمي و ذلك من أجل تعمير مرن و متجدد و فتح المجال أمام المبادرة الاستثمارية و إدراج الأسس و الطابع القانوني لمفاهيم جديدة في التعمير العملياتي كضم الأراضي في المجال الحضري (تفعيل نقابة أرباب الأملاك الحضرية المنظمة بظهير 10 نونمبر 1917). كما يتوجب تحيين القانون ليأخذ بعين الاعتبار مقتضيات دستور 2011 خصوصا في كل ما يتعلق بمبادئ الديموقراطية التشاركية المواطنة وكذا المواثيق الدولية خاصة فيما يتعلق بمبادئ الاستدامة والتحولات المناخية في ضوابط التهيئة المنجزة.
  2. تشجيع الابتكار في ميدان البناء عبر تعزيز البحث العلمي و تخصيص صندوق مالي للدعم لتطوير مواد البناء تأخذ بعين الاعتبار الخصائص المناخية والطاقية للسكن بأقل تكلفة و بالتالي تمكين جميع الطبقات من الحق في السكن بأقل تكلفة. و كذا إحياء المواد المستمدة من المعمار المحلي   « Architecture Vernaculaire »الذي يميز الهوية المغربية و إنشاء شراكات مع مدراس الهندسة المعمارية و مدارس الهندسة في مواد البناء و إنشاء مختبرات علمية للبناء و مراكز للتكوين في المناطق القروية حسب مواد البناء التي تميزها. و بالتالي يمكن المزج بين مواد البناء الحديثة و التقليدية المعدلة (poteau /poutre en béton armé et mur en pisé)/ (maisons en kit) . و يهدف البحث العلمي في مواد البناء من تفادي انتكاسة السوق العقارية « crash immobilier »و إعادة موازنة سوق العرض و الطلب.
  3. اللجوء إلى البناء الرقمي ثلاثي الأبعاد « BIM-CITY »عبر الاستثمارفي التقنيات الجديدة BIM  والتي تمكن من تقديم مجسم رقميً  « maquette numérique »  لجميع المكونات التي تشكل المدينة (المباني ، البنية التحتية ، الشبكات ، التـجهيزات ، الازدحامات المرورية ، الضوضاء ، …) عبر محاكاة افتراضية  يسمح هذا المجسم لجميع الجهات الفاعلة في البناء وتهيئة المدينة بالعمل على نفس المشروع كل حسب تخصصه ورؤية ماهيته قبل إنجازه، و بالتالي تدارك الأخطاء والاختلالات التي يمكن أن تحدث عند التنزيل الفعلي للمشروع.
  4. إبداع مرحلة البحث العلني( التى توقفت خلال فترة الحجر الصحي )عبر إطلاق مشروع “MY 3DCITY- MODELBUILDER”  تطوير تطبيق محاكاة المدينة ثلاثية الأبعاد لتقديم الإسقاطات التعميرية المبرمجة من خلال زيارة افتراضية « réalité virtuelle »لتقريب سيناريو التهيئة للعموم في مرحلة البحث العلني ليستطيعوا أن يروا كيف سيصبح مجال عيشهم في العشر سنوات القادمة لضمان مقاربات واقعية و أكثر نجاعة في الرؤية الاستشرافية وذلك في إطار تعزيز التعمير الرقمي كأداة للتنمية الاقتصادية و التنمية الفردية و تمكين الفرد من التفاعل و تزيل تطلعاته استنادا على مكتبة أشياء ثلاثية الأبعاد معدة سابقا.
  5. الحد من التوسع العمراني بطرق علمية: يعرف المغرب توسعا عمرانيا متسارعا، فالأرقام تشير إلى أن ما يقارب  ثلثي السكان يعيشون في المجالات الحضرية و هذه النسبة مرشحة لتصل الى 75% بحلول سنة 2035. من أجل مصاحبة التمدد العمراني وتقليص آثاره الجانبية على الأراضي الفلاحية في المناطق الغابوية و المناطق الفيضية و المناطق ذات القيمة الطبيعية الكبرى ، انتشار بؤر البناء العشوائي في ضواحيى المدن والأحياء الهامشية مما يؤدى الى اختلال التوازن بين مكونات المجال و تكريس الفوارق الاجتماعية و الزيادة من مؤشرات الفقر و الهشاشة. في هذا الشأن نقترح الإعتماد على مقاربات علمية دقيقة لمعرفة منحى توطين الإسقاطات الديمغرافية و توجيهها نحو المناطق المؤهلة لاستقبال الساكنة        « la Modélisation de la croissance urbaine t les systèmes de veille territoriale »
  6. إنشاء مجلس شباب المدينة le conseil communautaire des jeunes  من أجل ارساء قيادة مواطنة وازنة leadership citoyen  و أيضا تنزيلا لمخرجات قمة Africité  المنعقدة في دجنبر 2019 التي نادت بإشراك شريحة الشباب في بناء التصور المستقبلي للمدن.  و تتجلى الفكرة في إنشاء جمعية مدنية تعنى بالشأن المحلى و تقوم بالموازة مع المجلس الحماعي بالعمل على بناء تصور مشترك لمستقبل المجال المعني و هي بمثابة مسؤولية مشتركة  بين مؤسسات الدولة و المجتمع المدني. ونقترح العمل في إطار ورشات عمل تمكننا من استخراج الرؤية التنموية عل شكل خرائط ثلاثية الأبعاد تعكس تصور الساكنة «mappes sociales 3D»
  7. التعمير التنافسي : إنشاء مخطط جهوي للإستثمار ( دليل المستثمرGuide de l’Investisseur : ) من أجل تقريب خيارات التهيئة من المستثمر عبر منصة رقمية تفاعلية مع الأخذ بعين الاعتبار تكاملية و تنافسية المدن الصغيرة المتوسطة و المتروبولية فيما بينها. وكذا الاعتماد على مؤشر الكثافة الاقتصادية (عدد فرص الشغل / المساحة) في التنطيق. وفي إطار تعزيز البعد التنموي الافريقي نقترح انشاء مخطط افريقي للتنمية في اطار اتفاقيات الشراكة جنوب-جنوب بين المغرب و الدول الافريقية المجاورة من أجل تصدير تجربة المغرب في التنمية المجالية.
  8. الاستثمار في تقنية «Couplage de la Réalité Virtuelle & Réalité Augmentée » من أجل إنعاش القطاع السياحي عن طريق تنزيل خريطة للنقط السياحية و اقتراح مدارات سياحية “circuits touristiques” من أجل التعريف بالتراث الوطني و تمكين رؤيتها عبر تطبيقات الهاتف الذكي
  9. إنجاز تصميم للتنقل الإيكولوجي «L’urbanisme-Ecomobilité »(مسارات للدراجات والراجلين) وذلك بهدف تخفيف الضغط على وسائل النقل العام وضمان الامتثال لتدابير حماية الأفراد، خاصة التباعد الاجتماعي الذي يصعب ضبطه في وسائل النقل العام. ويعد هذا المشروع فرصة حقيقية لترسيخ ثقافة احترام البيئة بين المواطنين تشجيع التنقل الإيكولوجي ولتخفيف مشاكل الازدحام وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحفاظ على صحة المواطن.
  10. اعادة الرؤية التعميرية على مستوى الأحياء ” l’urbanisme à l’échelle du quartier” التي اعتبرت وحدات مجالية لعبت دورا مهما في مرحلة الحجر الصحي و ذلك بتعزيز التجهيزات الأساسية لضمان الحاجيات الضرورية دون الحاجة الى التنقل خارجها مع إنشاء العديد من المداخل والمخارج التي يمكن إغلاقها أو استخدامها حسب الحاجة ، و كدا مضاعفة الطرق و الممرات و دلك للتحكم في تدفق الافراد و تقليل الاتصال في حالة حدوث أزمة صحية.
  11. احياء الفضاءات العامة بتكلفة منخفضة “raviver les espaces publics à moindre coût” : الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو تنشيط الفضاءات المخصصة للعموم واحياء هاته المساحات التي تستهلك العقار دون ان تؤدي وظيفتها الأساسية في خلق فضاءات للترفيه خصوصا في هاته المرحلة. و تمكين هاته الفضاءات من احتضان أنشطة موسمية من شأنها
  12. أمان سيتي “AMAN CITY ” لمجالات آمنة: يهدف هذا المشروع لتعزيز الأمن الحضري، والحد من انتشار العنف والانحراف، من جلال اعتماد تصميم للأمن الحضري المحلي للمدينة أو الحي، يمكن من توطين المناطق التي تعاني من انعدام للأمن في المجال الحضري وكذا استباق سيناريوهات التدخل. هاته الأماكن التي تؤثر بشكل سلبي على المشهد الحضري تعاني في أغلب الأحيان من نقض الانارة أو من غياب أنشطة تمكن من إعادة بناء ذاكرة إيجابية لهاته المناطق. هذا المشروع عبارة عن أداة تفاعلية للوقاية و الحد من أعمال العنف التي تشوب بعض المناطق و تحول دون استغلالها في انجاز خيارات التهيئة عبر تدخلات بسيطة ذات أثر كبير.
  13. توفير إطار قانوني لنمط جديد من الحكامة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني” partenariat public-privé-société civile” من أجل إنجاح مشاريع التنمية
  14. التنمية في العالم القروي: يمثل العالم القروي ما يقارب ٩٠ % من التراب الوطني، وبالمقابل لا يساهم إلا بما لا يزيد عن 23 في المئة من الناتج الداخلي الخام، ويعرف معدلات فقر كبيرة ونسب أمية مرتفعة وضعف في التجهيزات الأساسية من مرافق وطرق مما يساهم في زيادة الفوارق الاجتماعية بين المجالين الحضري و القروي و تنامي الهجرة القروية و زيادة الاختلال المجالي، وذلك في ظل المجهودات التي تواصلها مؤسسات الدولة في إنجاح ورش التنمية. وتجدر الإشارة أنه تم الإثبات علميا من وجهة نظر اقتصادية، أن هجرة شخص من القرية الى المدينة يعادل زيادة الناتج الداخلي الخام بنسبة 3.3 في المئة ، هذا يعزى إلى أن تأهيل العالم القروي بنفس مرافق المدن يكلف الدولة ميزانيات طائلة غير مدرة للتنمية الاقتصادية. في المقابل يتمتع كل مواطن في جميع ربوع المملكة من جميع الحقوق الدستورية (بند 31من الدستور) و هنا نقترح مقاربة مبنية على اصلاح اجتماعي مقترن بتنمية اقتصادية :
  • إرساء سياسة عمومية للعالم القروي تتمحور حول الرأسمال البشري، من أجل توحيد رؤية جميع الفاعلين وضمان التقائية البرامج التنموية الحالية، من أجل خلق أقطاب تنموية تنافسية بالعالم القروي وتفعيل أسس اقتصاد قروي قائم بذاته لا يعتمد فقط على النشاط الفلاحي (بحكم أن الفلاحة لا تمثل الا 37 في المئة من أنشطة العالم القرويو14 في المئة من الناتج الداخلي الخام حسب وزارة الفلاحة و الصيد البحري و التنمية القرية و الماء) بل الاعتماد على المقاولات الشبابية (Start-up/ Partenariat public-privé) والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتواكب التجهيزات الأساسية في هاته المجالات (Télé-services de formation et de santé).
  • تشجيع التعمير الذي يعتمد في هيكلته على المحاور الرئيسية كالطرق الوطنية، الجهوية، والإقليمية في العالم القروي (centralités rurales linéaires)مخصصة للسكن و المرافق  و مع خلق مراكز  محورية محددة ترتكز على هذه المحاور و تمثل محطات استراحة للوقوف، وذلك للحد من استنزاف الأراضي الفلاحية.(préservation des  terrains agricoles en profondeurs)
  • الاعتماد على بنية تحتية ايكولوجية خضراء في العالم القروي (circulation douce-pistes cyclables) لتعويض بعض المحاور الطرقية بين المركز القروي و المدارس، نظرا لأن هذا النوع من التنقل مناسب و مستعمل من طرف الساكنة القروية و بتكلفة أقل و يراعي مقومات الحياة القروية التي أغلبية الطبقة المتمدرسة تقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام.
  • أثبتت الدراسات أن التقنيات المستعملة في البناء قديما كانت أنجع لكونها ترتكز على مواد للبناء محلية و مستوردة من الطبيعة ولا تشكل أي خطر على البيئة. كما أن هذه التقنيات تأخذ بعين الاعتبار الخصائص المناخية وكذا الاجتماعية الثقافية للمنطقة التي توجد بها.
    لكن هذه التقنيات والحرف القديمة في مجال البناء صارت أغلبها في طي النسيان.
    حاليا ونحن بصدد تطبيق مبادئ التنمية المستدامة، لا بد من الرجوع إلى هذه الحرف التقليدية و محاولة عصرنتها بشكل يتناسب مع مقتضيات العصر الحالي (ارتفاع البنايات، السرعة في الإنجاز، الطاقات المتجددة، …)(Résilience de l’habitat rural) .
  • يجدر العمل على قطاع التكوين المهني و تأسيس مراكز التكوين في مهن البناء التقليدي المعصرن، لإنتاج مهنيين محترفين في هذا المجال كما يجب تشجيع البحث العلمي لإيجاد بدائل لمواد البناء المستعملة حاليا، مستوحاة من المواد التقليدية الطبيعية و العمل على تعديلها بشكل يجعل البنايات أكثر صلابة وأكثر عازلية للحرارة وكذا الأصوات .هذا سيمكن من خلق مهن و اختصاصات جديدة، وكذا تجديد قطاع الصناعة الخاص بالبناء وتشجيع المقاولات المبتكرة وبذلك خلق فرص شغل.  (Règlement de construction de l’habitat résilient dans le monde rural)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.